الأسطورة حسن شحاتة.. كيف قهر سوء الحظ ليصبح "المعلّم"؟

ارتبطت صورة حسن شحاتة عند المصريين بالمدرب الذي لا يخفي انفعالاته خلال مباريات المنتخب في الفترة التاريخية من 2006 وحتى 2010.

لكن خلف هذه الانفعالات، فهناك رجل قوي نجح في تحويل العديد من الصدف في حياته إلى أعمال ناجحة، واستحق أحد أشهر الألقاب في الكرة المصرية فهو "المعلم".

لم تكن بداية شحاتة مبشرة، فبعد أقل من عام من انتقاله للزمالك بعمر 19 عاماً، وقعت حرب 1967، ليتوقف الدوري المصري.

وسافر شحاتة إلى الكويت حيث لعب في صفوف كاظمة، وقاده للصعود إلى الدرجة الأولى، ولفت الأنظار في الدوري المحلي.

وحصد اللاعب المصري لقب هداف الدوري الكويتي في ثلاث مناسبات، لكن لقبه الفردي الأهم كان التتويج بجائزة أفضل لاعب في آسيا في 1970، وشارك مع العربي الكويتي في دوري أبطال آسيا، حيث أحرز ثلاثة أهداف.

وتسبب تألق شحاتة في الكويت في اشتراكه مع المنتخب العسكري في كأس العالم العسكرية، قبل عودته إلى مصر.

5 أكتوبر 1973

كانت مصر تستعد لحرب أكتوبر، واستغلت الدولة عودة شحاتة ليُساهم في خطة الخداع الاستراتيجي.

ففي 5 أكتوبر، احتفت الصحف المصرية بخوض شحاتة أول مباراة مع الفريق الأول للزمالك، وأفردت مساحة كبيرة للحديث عن ذلك الشاب الذي خطف الأنظار في الكويت.

وفي اليوم التالي اندلعت الحرب، ليتوقف النشاط الكروي مرة أخرى، قبل استنئافه بموسم 1974-1975، لتبدأ مسيرة شحاتة الرسمية.

خطف شحاتة قلوب جماهير الزمالك بفضل أسلوبه وأهدافه، لتكافئه باللقب الذي ارتبط به حتى يومنا هذا.

وكان هتاف جماهير الزمالك "حسن شحاتة يا معلّم، خلّي الشبكة تتكلّم"، ليتحول المهاجم من شحاتة إلى "المعلّم".

وترك "المعلم" بصمته الأولى في تاريخ الزمالك بتسجيل هدف الفوز في نهائي كأس مصر 1975 في شباك غزل المحلة، ثم عاد ليُساهم مع علي خليل في تتويج النادي باللقب ذاته في 1977.

وبعد أقل من عام، أعاد شحاتة لقب الدوري إلى خزائن الزمالك بعد غياب 13 عاماً، ثم نال النادي لقب كأس مصر 1979.

قرار مفاجئ من حسن شحاتة

فوجئت جماهير الزمالك بقرار "المعلم" بالاعتزال في 1980، وبالفعل أقام النادي مباراة احتفالية ضد الأهلي في سبتمبر.

وفشل محمد حسن حلمي رئيس الزمالك حينذاك، والرجل الذي ساهم في انضمام شحاتة إلى النادي في 1966 من كفر الدوار، في إقناعه بالعدول عن قراره.

وسافر شحاتة إلى الإمارات، لبداية مهمته كمدرب لفريق الوصل تحت 20 عاماً، وعاد بعد شهر في زيارة سريعة، ليتفاجئ "بخدعة" محمد حسن حلمي.

ففي زيارته إلى الزمالك، احتشدت الآلاف من جماهير النادي لإقناعه بالبقاء لحاجة الفريق إلى جهوده، وخرج محمد حسن حلمي ليُعلن عودة "المعلم" إلى الملاعب.

وفي عودته إلى الملاعب، ما زال هناك مشهدان مؤثران لشحاتة، الأول كان أمام المنيا، عندما أحرز هدف التعادل، وذهب للاحتفال بتمزيق قميصه.

وكان المشهد الثاني أمام الأهلي في 14 مايو 1982، فقد استلم شحاتة تمريرة فاروق جعفر بين ثلاثة مدافعين، ليهز شباك الحارس إكرامي الشحات.

لكن شحاتة فوجئ بإلغاء الهدف نتيجة التسلل، وتسبب هذا الهدف في قرار إقامة مباريات القمة بعد ذلك بتحكيم أجنبي.

وقرر "المعلم" الاعتزال، لكن هذه المرة دون رجعة، ليُسدل الستار على مسيرته مع الزمالك بعد تسجيل 102 هدف، ليُصبح هداف النادي عبر التاريخ إلى أن كسر عبد الحليم علي الرقم بعد سنوات.

الهيمنة التاريخية

اتجه "المعلم" للتدريب بعد نهاية مسيرته، وبعد جولة بين أندية مصر والإمارات، تولى تدريب منتخب مصر تحت 20 عاماً. وقاد شحاتة المنتخب للفوز بكأس الأمم تحت 20 عاماً بعد غياب 12 عاماً، وفي بداية الجيل الذهبي لمصر.

وبعد رحيله عن المنتخب، تولى شحاتة تدريب المقاولون العرب، وقاده للصعود للدرجة الأولى، لكن قبل ذلك حقق واحدة من أبرز المفاجآت.

فقد توج شحاتة مع المقاولون العرب بلقب كأس مصر بعد الفوز 2-1 على الأهلي، ليُصبح أول فريق يحصد اللقب من الدرجة الثانية، ثم توج بلقب كأس السوبر على حساب الزمالك.

وفي تلك الفترة، كان المنتخب المصري يمر بواحدة من أسوأ فتراته بعد إقالة الإيطالي ماركو تارديلي.

ولم يجد الاتحاد المصري سوى شحاتة، الذي وافق على تولي المسؤولية، لتبدأ حقبة تاريخية.

ونجح شحاتة في قيادة مصر إلى لقب كأس الأمم الإفريقية في 2006 في القاهرة، ثم 2008 في غانا بأفضل أداء للمنتخب المصري عبر التاريخ في عيون الجماهير والنقاد، ليحصد "المعلم" لقب أفضل مدرب في القارة.

وشاركت مصر في كأس القارات في جنوب إفريقيا، وخسرت بصعوبة 4-3 أمام البرازيل في مباراة كان بطلها الحكم الرابع الذي أشار باحتساب ركلة جزاء جاء منها هدف الفوز "لراقصي السامبا".

وفي المباراة التالية، حققت مصر أكبر انتصار في تاريخها بفوزها 1-0 على إيطاليا بطلة العالم.

ورغم خروج مصر من البطولة من دور المجموعات، كان الانطباع أن مصر ستعود إلى جنوب إفريقيا لخوض منافسات كأس العالم.

لكن في نوفمبر 2009، تلقى شحاتة ومصر بأكملها خيبة الأمل الأكبر بعد الفشل في التأهل إلى كأس العالم بعد الخسارة أمام الجزائر في مباراة فاصلة في السودان.

واستعاد المنتخب توازنه ليتوج بلقب كأس الأمم 2010 في أنغولا، ويُصبح أول منتخب في التاريخ يحصد اللقب ثلاث مرات متتالية، كما انضم شحاتة إلى الغاني تشارلز كومي غيامفي، وهما فقط من نالا اللقب كمدربين ثلاث مرات.

وجاءت نهاية حقبة شحاتة مع المنتخب في يونيو 2011 بعد التعادل مع جنوب إفريقيا في التصفيات المؤهلة كأس الأمم، إذ تضاءلت فرصة المنتخب في بلوغ النهائيات.