مشكلة العطش وواجب الإنصاف

  أحمد سالم ولد لكبيد / عقيد متقاعد

 

من أكبر الظلم برأيي ان يظلم المواطن دولته بعدم انصافها او عدم تقدير المجهودات التي تقوم بها لصالحه.
لقد تم تضخيم مشكلة الاضطرابات التي شهدتها العاصمة نواكشوط خلال الأسابيع الأخيرة في توزيع الماء.
سبب هذه المشكلة واضح ويعود بالدرجة الأولى إلى عامل طبيعي يتمثل في ارتفاع منسوب ماء النهر السنغالي بسبب الأمطار (في دولة المصب)، فارتفع منسوب الطمي اي الترسبات والطين. وعندما دخل الماء المحمل بهذا الطمي في أجهزة سحب الماء (منظومة آفطوط الساحلي) تتضررت وصارت عاجزة عن جذب وضخ الماء.
ان هذه المشكلة ليست جديدة بل ظلت مطروحة منذ إنشاء مشروع آفطوط الساحلي في سنة 2007. وقد تم إهمال هذه المشكلة لسنوات بعد تشغيل المشروع، فقد كانت تتطلب منذو البداية اجراءات فنية على رأسها الصيانة المستمرة.
وقد بلغت هذه المشكلة ذروتها في يوليو الماضي إلى درجة أن تعطلت اجهزة جذب وتوصيل الماء. فبادرت الدولة حالا إلى توفير منشأة جديدة لإزالة الطمي واعلنت شركة الماء رسميا يومها عن الأمر مع شرحه والاعتذار عنه للمواطنين. وتم إنجاز المنشأة في ظرف قياسي حيث لم يتجاوز سبعة أشهر، تواصلت خلالها الأشغال ليلا ونهارا، وتم خلالها تأمين الحصول على المعدات واللوازم بحرا وجوا. وقد دخلت المنشأة الخدمة منذ الثلاثاء الماضي وستعود المياه إلى مجاريها الطبيعية تدريجيا انشاء الله. 
برايي، ما كان ينبغي تضخيم هذه المشكلة العابرة بالطريقة التي رأينا على منصات التواصل الاجتماعي، بل كان ينبغي تفهم أسبابها، وانصاف الدولة وتقدير ما قامت به في مجال المياه.
فمثلا في العاصمة نواكشوط تحديدا، تم تجديد شبكة توزيع الماء وقد تتطلب ذلك تغيير آلاف المواسير والمنشآت المتهالكة التي يعود بعضها إلى عدة عقود من الزمن خلت.
وفي مدينة نواذيبو، التي كانت تعاني منذ تأسيسها من نقص الماء، تم إطلاق مشروع لتحلية مياه البحر بسعة 5000 متر مكعب في اليوم وانتهت أشغاله منذ شهور قليلة،
مما ساهم في توفير الماء في المدينة وقد راينا رئيس الجمهورية يدشن هذا المشروع.
كما رايناه خلال زيارته الاخيرة للمدينة يدشن مشروعا آخر لتزويدها بالمياه الصالحة للشرب انطلاقًا من بولنوار، يرفع الإنتاج إلى 10 آلاف متر مكعب من الماء.
وقبل هذا التاريخ بشهر تقريبا رأينا فخامته يدشن في فم لكليته المرحلة الثانية من مشروع آفطوط الشرقي، التي بلغت تكلفتها 24 مليون اورو. وستوفر بشكل مستمر الماء الشروب لأكثر من 200 قرية موزعة على ثلاث ولايات هي كوركول ولعصابة ولبراكنه. أمثلة فقط من الإنجازات في مجال المياه خلال هذه السنة خوف الاطالة.
لقد عانينا من نقص الماء في الأيام الماضية بسبب كارثة طبيعية على غرار الفيضانات، وسنخرج من هذه الأزمة ان شاء الله، ونحن أكثر قوة وأكثر تجربة وأكثر تصميما على منع تكرارها. ولكن قبل ذلك علينا انصاف دولتنا وعدم تحميلها المسؤولية عن عطش سببه الطبيعة واهمال أنظمة سابقة. كما انه من الظلم والشطط ان ننكر ما حققته دولتنا من إنجازات مهمة لا تخفى على أحد.