مثُل وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركي، روبرت ف. كينيدي الابن، الخميس، أمام لجنة المالية في مجلس الشيوخ، في أول جلسة استجواب علنية له منذ إقالة مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) سوزان موناريز الشهر الماضي.
وطبقا لما أوردته واشنطن بوست، تأتي الجلسة وسط اضطراب غير مسبوق داخل الوكالة الصحية الأبرز في البلاد، وفي ظل موجة غضب متزايدة من سياسات الوزير المثيرة للجدل بشأن اللقاحات.
وكان البيت الأبيض قد أعلن إقالة موناريز، التي تولت المنصب في يوليو، بعدما رفضت ضغوطًا من كينيدي لتغيير سياسة اللقاحات وإبعاد عدد من القيادات العليا. وأعقب القرار استقالة ثلاثة من كبار مسؤولي الوكالة احتجاجًا على ما وصفوه بـ«توصيات غير علمية» قد تضر بالصحة العامة.
خلال الجلسة، طبقا لما نشرته منصة أكسيوس الأميركية، اليوم الخميس، واجه كينيدي أسئلة حادة من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. السناتور الديمقراطي رون وايدن اتهمه بـ«نقض وعوده» بعد أن أكد سابقًا أنه لن يعيق وصول الناس إلى اللقاحات. واعتبر السناتور مارك وارنر أن هجماته على CDC تمثل «غباء مضاعف»، بينما دعت السناتور تينا سميث إلى إقالته فورًا. حتى بعض الجمهوريين، مثل ثوم تيليس، شككوا في تناقض تصريحاته السابقة مع قراراته الأخيرة.
رغم ذلك، لا يزال كينيدي يحظى بدعم شريحة من الجمهوريين، وبينهم رئيس اللجنة بيل كاسيدي، وهو طبيب صوّت سابقًا لصالح تمرير ترشيحه رغم مخاوف من مواقفه بشأن اللقاحات.
ويواجه الوزير انتقادات متصاعدة على خلفية «تطهير» لجنة الاستشارات الخاصة باللقاحات في CDC، إذ أقال جميع أعضائها السبعة عشر واستبدل بعضهم بشخصيات عُرفت بانتقادها للقاحات كوفيد-19 وتقنية mRNA. واعتبر كينيدي هذه الخطوة «ضرورية لاستعادة الثقة في علم اللقاحات».
الأزمة لم تبقَ داخل أروقة الكونغرس. فقد وجّه أكثر من ألف موظف حالي وسابق في وزارة الصحة والوكالات التابعة لها، الأربعاء، رسالة مفتوحة تطالب باستقالة كينيدي، متهمين إياه بـ«تعريض صحة الأمة للخطر». الرسالة، التي حصلت عليها وسائل إعلام أميركية، دعت الرئيس دونالد ترامب والكونغرس إلى تعيين وزير جديد «يستند إلى العلم المستقل والمُحكّم في سياساته».
وقال الموقّعون إن إقالة موناريز وتعيين المستثمر جيم أونيل – المعروف بدعمه علاجات كوفيد غير المثبتة – مديرًا بالوكالة للـCDC، يعكس «نهجًا يفتقر إلى الأسس العلمية».
من جانبه، دافع كينيدي عن سياساته، مؤكدًا في مقال بصحيفة «وول ستريت جورنال» أن «إصلاحاته تعيد الثقة في CDC التي فقدها الأميركيون خلال جائحة كورونا». واعتبر أن «معظم موظفي الوكالة علماء صادقون، وسيتمكنون الآن من أداء عملهم بعيدًا عن الإملاءات السياسية».
كما حذر تسعة مديرين سابقين للـCDC، في مقالة بـ«نيويورك تايمز»، من أن رحيل موناريز وكبار القادة «سيجعل من الصعب للغاية» على الوكالة القيام بمهامها. وأكدوا أنهم لم يشككوا يومًا خلال ولاياتهم السابقة في التزام القيادة بالبيانات العلمية لحماية الصحة العامة.
وبينما يتصاعد الجدل السياسي حول بقاء كينيدي، يترقب الأميركيون مستقبل سياسات اللقاحات في بلد لا يزال يتعافى من تداعيات الجائحة.