فاز فيلم "صوت هند رجب"، وهو عمل سينمائي عن الساعات الأخيرة في حياة طفلة فلسطينية استشهدت مطلع 2024 برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثار بكاء الحاضرين خلال عرضه الأول في مهرجان البندقية السينمائي، بجائزة "الأسد الفضي" في ختام الحدث السينمائي العريق السبت.
وقالت مخرجة العمل التونسية كوثر بن هنية التي صفق لها الحاضرون وقوفا عند استلامها جائزتها: "لا يمكن للسينما أن تُعيد هند إلى الحياة وتمحو الفظائع التي ارتُكبت بحقها"، لكنها "قادرة على حفظ صوتها.. لأن قصتها ليست لها وحدها، بل هي قصة مأساوية لشعب بأكمله يعاني من إبادة جماعية ترتكبها حكومة إسرائيلية مجرمة تتصرف بإفلات من العقاب".
كما حقق فيلم "فاذر ماذر سيستر براذر" Father Mother Sister Brother للمخرج الأميركي جيم جارموش مفاجأة بنيله جائزة الأسد الذهبي في ختام المهرجان.
ويتناول هذا الفيلم العلاقات الأسرية من خلال لوحة ثلاثية تتوزع بين نيوجيرزي ودبلن وباريس، ويضم نخبة من النجوم من بينهم آدم درايفر وكايت بلانشيت وتوم وايتس.
كما فاز الممثل الإيطالي توني سيرفيلو بجائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية السينمائي عن أدائه لدور رئيس إيطالي مسن يقترب من نهاية ولايته في فيلم (لا جراتسيا).
وحصلت الصينية شين تشي لي على جائزة أفضل ممثلة عن فيلم (ذا صن رايزس أون أس أول) "الشمس تشرق علينا جميعا"، وهو فيلم عن التضحية والشعور بالذنب والمشاعر العالقة بين حبيبين منفصلين.
كوثر بن هنية
وسبق وأكدت المخرجة التونسية الفرنسية كوثر بن هنية أن فيلمها «صوت هند رجب» الذي أثار ضجة كبيرة خلال عرضه هذا الأسبوع ضمن مهرجان البندقية السينمائي، يرمي لإظهار حجم الوحشية التي تشهدها غزة عبر الإضاءة على الساعات الأخيرة في حياة طفلة استشهدت في القطاع برصاص جنود إسرائيليين.
فقد أثار الفيلم الذي يتناول وفاة الطفلة هند رجب ابنة السنوات الخمس في غزة، موجة تأثر عارمة في المهرجان الإيطالي العريق الذي تختتم دورته الثانية والثمانون فعالياتها السبت.
صوت هند رجب
ويروي الفيلم قصة هند رجب التي عُثر عليها ميتة داخل سيارة مثقوبة بالرصاص في مدينة غزة، بعد أيام من تمضيتها ثلاث ساعات على الهاتف مع الهلال الأحمر الفلسطيني في 29 يناير/كانون الثاني 2024 عندما استهدف جنود إسرائيليون السيارة التي كانت تقلها مع ستة من أفراد عائلتها.
واستخدمت كوثر بن هنية تسجيلات الاتصالات الحقيقية للطفلة ونداءات الاستغاثة التي أطلقتها، في فيلمها الذي تدور أحداثه بالكامل في مركز اتصال لخدمات الطوارئ. وقد حرّك هذا الصوت الرأي العام العالمي عندما نُشرت التسجيلات عبر الإعلام.
في ذلك الوقت، قالت المخرجة الفرنسية التونسية إنها شعرت «بغضب ويأس شديدين، لكنها تساءلت أيضا "+ماذا عساي أفعل؟».
وأضافت مخرجة «بنات ألفة» الذي رُشح لجائزة أوسكار عام 2024، لوكالة فرانس برس يُنظر إلى سكان غزة، والفلسطينيين عموما، دائما كمشتبه بهم قبل أن يكونوا ضحايا.
وأدى عرض الفيلم الأربعاء بحضور الزوجين الهوليووديين خواكين فينيكس وروني مارا، وكلاهما منتجان منفذان، إلى تأثر كبير تجلى ببكاء الجمهور الذي صفّق لثلاث وعشرين دقيقة متواصلة، وهو أمر غير مسبوق في المهرجان.
كما قرر براد بيت الذي شاهد الفيلم تقديم دعمه، وكذلك فعل جوناثان غليزر، مخرج فيلم «ذي زون أوف إنترست» الحائز جوائز أوسكار.
وسرعان ما تلقى هؤلاء تهديدات، وفق المخرجة.
وقالت كوثر بن هنية الجمعة «خلال اليومين الماضيين، غُمرت صناديق بريد منتجي عملي، بينهم أسماء أميركية شهيرة مثل براد بيت وخواكين فينيكس، بالآلاف» من رسائل البريد الإلكتروني.
وأشارت إلى تلقي نصّ «طويل جدا ومخيف»، مضيفة أن هذه ربما كانت «البداية فقط».
واختير الفيلم لتمثيل تونس في السباق لجوائز الأوسكار لعام 2026.
جوائز الأوسكار
وأوردت كوثر بن هنية إن العرض الأول في البندقية وإمكان ترشيح الفيلم لجوائز الأوسكار «مهمان للغاية (...) لأن ذلك يوفر بالنسبة لفيلم كهذا تغطية إعلامية واسعة. وأريد أن يُشاهَد الفيلم في جميع أنحاء العالم».
ومن المقرر عرض الفيلم الروائي في 17 سبتمبر/ أيلول في تونس، ولكن لم يُحدد موعد عرضه في أوروبا بعد. في المقابل، لم يجد العمل بعد أي موزع في الولايات المتحدة حتى الآن.
ومن خلال توزيعه على أوسع نطاق ممكن، تريد كوثر بن هنية «أن تُعطي وجها لهذه الفتاة الصغيرة، وكذلك لعمال الهلال الأحمر». وقالت «من خلال هذه القصة، يُمكننا إدراك هول ووحشية ما يحدث» في غزة.
وحرصت المخرجة على أن تُظهر في عملها شاطئ غزة تحديدا، لأن والدة هند رجب (التي تظهر في نهاية الفيلم) «أخبرتني أنها كانت تُحب» الذهاب إلى هناك.
وتقول ساخطة «وعندما أرى شخصا مثل (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب يتحدث عن تحويل غزة إلى ريفييرا، أسأل نفسي في أي عالم نعيش؟+».
وأعربت والدة هند رجب عن مباركتها لإنتاج الفيلم، آملة في أن يظل صوت ابنتها خالدا في الذاكرة.
وتحدث عناصر الهلال الأحمر طويلا مع الممثلين الفلسطينيين الذين أدوا أدوارهم على الشاشة في الفيلم الذي صُوّر في تونس.
ومن المقرر أن يُواصل الفيلم رحلته، إذ يُعرض في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في كندا، ثم في مهرجانات لندن (بريطانيا) وسان سيباستيان (إسبانيا) وبوسان (كوريا الجنوبية).