قبل ما يتراوح بين 128 ألفا و186 ألف عام، عندما كان الجليد يغطي سلاسل جبال «سييرا نيفادا» التي تقع في ولايتي كاليفورنيا ونيفادا بالولايات المتحدة، كانت هناك بحيرة تمتد بطول 100 ميل وعمق 600 قدم في شرق كاليفورنيا، فيما يعرف اليوم بـ«صحراء موهافي».
وأفادت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية في تقرير لها نشرته مؤخرا، بأنه مع ارتفاع درجة حرارة الأرض وتراجع الرقعة الجليدية، جفت البحيرة، مخلفة وراءها مسطحا ملحيا أبيض اللون.
«وادي الموت»
إلا أن هطول معدلات قياسية من الأمطار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعاد الحياة إلى البحيرة القديمة، المعروفة باسم «بحيرة مانلي». والآن، يضم «وادي الموت» – وهو أحد أكثر الأماكن حرارة على وجه الأرض وأخفض نقطة في أميركا الشمالية - بحيرة صحراوية محاطة بجبال تغطيها الثلوج.
وتعتبر البحيرة صغيرة جدا، ومن المرجح أن تختفي قريبا.
ولكنها تعد معجزة بالنسبة لمن يعيشون في «وادي الموت» ولزائريه أيضا، كما أنها تذكرهم بالظروف المناخية القاسية التي كانت تتعرض لها المنطقة الواقعة على عمق يزيد على 200 قدم تحت مستوى سطح البحر.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن تغير المناخ صار مصدرا للقلق المتزايد. وقبل بضعة أعوام، عندما اقتربت درجات الحرارة من 130 درجة فهرنهايت (أو 4ر54 درجة مئوية)، تدفق السائحون الهاربون من درجات الحرارة المرتفعة إلى الصحراء. وقد أعرب المسؤولون عن قلقهم بشأن تأثير ارتفاع درجات الحرارة على النباتات والطيور والحياة البرية.
وبالنسبة للأمطار، فقد ذكرت إدارة المنتزهات أن منتزه وادي الموت سجل هطول 41ر2 بوصة من مياه الأمطار خلال الفترة من سبتمبر/أيلول وحتى نوفمبر/تشرين الثاني، منها 76ر1 بوصة خلال نوفمبر/تشرين الثاني وحده. وكان الرقم القياسي السابق الذي تم تسجيله في نوفمبر/تشرين الثاني لأعلى نسبة هطول أمطار بلغ 70ر1 بوصة، وكان في عام 1923.
وكانت البحيرة ظهرت لآخر مرة في عام 2023، بعدما تسبب إعصار هيلاري - الذي ضعفت قوته ليتحول إلى منخفض جوي استوائي قبل وصوله إلى جنوب كاليفورنيا - في هطول 2ر2 بوصة من الأمطار على المنتزه وملء حوضه.
أمطار قياسية
وظلت مستويات المياه تنخفض حتى فبراير/شباط من عام 2024، عندما تسبب نهر الغلاف الجوي في هطول أمطار أخرى بلغ منسوبها 5ر1 بوصة على البحيرة، ما جعلها عميقة بما يكفي لممارسة رياضة التجديف فيها. وتوصل باحثون في وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، إلى أن عمق البحيرة المؤقتة كان يتراوح بين 3 أقدام وأقل من 5ر1 قدم خلال فترة استمرت لستة أسابيع في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار من عام 2024.
ويقول السكان المحليون إن البحيرة الحالية لا تقارن بالبحيرة القديمة.
ونقلت لوس أنجلوس تايمز عن موظفة تعمل في فندق وادي الموت: «إنها معلم سياحي، ولكنها ليست بحيرة بالمعنى الحقيقي... إنها في حجم بحيرة، ولكنها ليست عميقة... إنها أشبه بمجرى نهر كبير جدا بدون تيار، ربما بركة سباحة للأطفال».
وبغض النظر عن حجمها، فإن حداثة البحيرة تعد عامل جذب كبير في حد ذاتها.
وأضافت الموظفة أن الفندق شهد إقبال عدد أكبر من الزائرين منذ هطول الأمطار، وذلك لأن الفندق لا يبعد سوى نحو سبعة أميال عن مدخل المنتزه، كما أن أسعاره ليست باهظة كالفنادق داخل حدوده.
وأوضحت أن نسبة الإشغال في الفندق زادت بنسبة تتراوح بين 20% و30% منذ ظهور البحيرة مجددا.
وقد أدت العواصف الأخيرة إلى إغلاق الطرق في أنحاء المنتزه، حيث تسببت في تغطية الطرق الممهدة بالحطام وجعلتها غير صالحة للسير، بحسب ما ورد في بيان صحفي صادر عن إدارة المنتزهات الوطنية.
ونصح المسؤولون الزائرين بتوخي الحذر في حال سافروا على الطرق الريفية النائية، والاستعداد لإنقاذ أنفسهم إذا لزم الأمر.
ومن ناحية أخرى، قالت نيكول أندلر، التي تعمل حارسة في منتزه وادي الموت، إن حجم البحيرة يعد أصغر بكثير بالمقارنة مع الأعوام السابقة، ولا يمكن التنبؤ بفترة بقائها.
وأضافت أن فترة بقاء البحيرة تتوقف على شدة الرياح التي تهب على وادي الموت، وعلى مدى ارتفاع درجة الحرارة، وما إذا كانت الأمطار ستهطل مجددا في المستقبل القريب. ويمكن لزوار المكان أن يتوقعوا رؤية البحيرة حتى حلول العام الجديد، وربما لفترة أطول قليلا بسبب انخفاض درجات الحرارة.
