اليَدُ المُرتعشة لاتبني..!؟ ــ رأي الجديد نيوز

قال الشاعر :

ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له:

"إياك إياك أن تبتلّ بالماء"

يلخص هذا البيت واقع الكفاءات الموريتانية التي طردتها البيئة القاسية في الوطن، والمتمثلة في غياب الاهتمام الرسمي، حيث تبذل زهرة شبابك في الدراسة والتحصيل بالداخل والخارج، وبعد التخرج لاتسأل عنك أي جهة رسمية تُريد تشغيلك أو حتى مجرد تشيجعك !

 

من الأمور الشائعة في تلك البيئة وللأسف تهميش الكفاءات، حتى ولو وجد أحدهم بصيص أمل تدريبا أو عملا زهيدا مقابل أجر بعد جهد جهيد .،

 والطامة الكبرى هي أن من يمُنّون عليه بالفتات في ذلك العمل   استخدموا طرقا ضيقة ومتعرجة للوصول لمناصبهم وأصبحوا من أصحاب الرواتب الكبيرة التي تستنزف جيوب الدولة دون مقابل يذكر.

البيئة عندنا معقدة كثيرا؛ فالمعايير المنطقية لاستقطاب الكفاءات مغيبة

تماما (الشهادة وحسن الخلق ودوافع خدمة الوطن) لتحل محلّها معايير مُخزية ومُذلة كـ"الوساطة والقبلية والجهة والمحسوبة والزبونية والولوج غير المستحق من باب السياسة.. وذلك على مرآى ومسمع من الجميع .

 

يقول المثل الفرنسي :" طبيب بعد الموت" يَصدُق واقع هذ المثل على سلبات هجرة الكفاءات عن الوطن ... عندما تحدث مشكلة بإدارة أو يظهر العجز في أدائها يتذكر الجميع  -وقتها وعلى استحياء- مخاطر تغييب الكفاءات والأمثلة كثيرة .

 

إن هجرة الكفاءات مدمرة للأوطان من كل النواحي، فالدولةتنفق  عشرات الملايين على تكوين الكفاءات، ومن أشد أنواع الفساد تركهم يخدمون غير الوطن، زد على ذلك أن سمعة البلد تتضرر نتيجة  عمل الفاشلين الذين يقدمون صورة سلبية عن واقعه داخليا وخارجيا.

 

 يضاف لذلك أن تلك الكفاءات تثبت جدارتها في كل بيئة سليمة، غير التي بالوطن وللأسف والأمثلة كثيرة في الإعلام والثقافة والاقتصاد والهندسة وحتى في الطب والتدريس الجامعي.

ختاما : آن للجهات العليا أن تدرك ان الخلل ليس في الكفاءات، ولكن في البيئة الطاردة لهم، وتعلم أن نهضة أي بلد تعتمد على كفاءاته أولا وأخيرا وأن اليد المرتعشة لاتبني !

كلمة الجديد .. زاوية يومية يكتبها "تحرير الموقع"