خليل الحية يكشف أسباب فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات مع الاحتلال

وجه رئيس حركة حماس في قطاع غزة، الدكتور خليل الحية، اليوم الأحد، رسالة إلى أهالي قطاع غزة، كشف خلالها عن أسباب فضل الجولة الأخيرة من مفاوضات الحركة مع الاحتلال، الذي أعلن انسحابه منها بهدف استكمال حرب الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

وقال الحية، في كلمة مصورة: «شعبنا وأهلنا في غزة الصابرين الطاهرين، تقف الكلمات أمامكم صامتة، تفقد معانيها عاجزة عن التعبير تجاهكم، فقد عانيتم الأهوال وتحملتم في هذا الطريق ما عجزت عنه أمة بأكملها، وكنتم الأعزة عندما هان كل شيء، وعلَوتم وسمَوتم عندما سقط العالم في ظلمات سحيقة من الصمت والهوان والخذلان، فلا أجد من الكلمات والعبارات ما يوفيكم حقكم علينا، وإنَّ تضحياتكم ومعاناتكم وصرخاتكم وآهاتكم كلها أمانة في أعناقنا، لن نفرط فيها ما حيينا بإذن الله، وبالرغم من كل ذلك فلا يأس يدرككم، والله معكم ولنَ يَتِرَكم أعمالكم».

وأضاف الحية: «أيها الأحرار الأطهار الأنقياء، يا مَن تتحملون ما ناءت به الجبال، وعجزت عنه الأمم، تتوكلون على الله وحده، وحسبنا الله ونعم الوكيل، حسبنا الله وأنتم تُقتَلون، حسبنا الله وأنت تُشرَّدون، حسبنا الله وأنتم تُجوَّعون وما لانت لكم قناة، ولا هانت لكم عزيمة، لله أنتم ما أعظمكم، أنتم تيجان رؤوسنا وعنوان العزة والكرامة والإباء».

عمليات بطولية

وتابع رئيس حركة حماس: «يا أبناء كتائب القسام وسرايا القدس وفصائل المقاومة، إن ما تقومون به من عمليات بطولية فاق كل تصور، وأعجز العالم عن فهمه وأنتم تذيقون هذا العدو المجرم جزاء ما يرتكبه من إرهاب وعدوان، واستطعتم عبر بسالتكم وحمم نيرانكم في سلسلة عمليات حجارة داوود إفشال ما تسمى عربات غدعون، أكبر عملية عسكرية صممها العدو الصهيوني وجيشه المجرم لهزيمة المقاومة، حتى أصبح رئيس أركان العدو يستجدي قيادته السياسية بالإذن له بسحب قواته من قطاع غزة، ويغطي على فشله بالإبادة الجماعية والتجويع لشعبنا والقتل لأطفالنا».

واستطرد الحية بالقول: «شعبنا العزيز المعطاء، بجانب صبركم وبسالة مقاومتكم، سخَّرت قيادة المقاومة كل ما لديها من أدوات وعلاقات على مدار 22 شهرًا، في سبيل وقف العدوان على غزة وأهلها، وخضنا مفاوضات شاقة نضع فيها مصلحة شعبنا وحقن دمائه نُصب أعيننا، وقدمنا في سبيل ذلك كل مرونة ممكنة لا تتعارض مع ثوابت شعبنا، وتجاوبنا مع الوسطاء في كل المحطات وفي ما عرض علينا».

جولة التفاوض الأخيرة

وأضاف: «في جولة التفاوض الأخيرة، حققنا تقدمًا واضحًا، وتوافقنا إلى حد كبير مع ما عرضه علينا الوسطاء، وخصوصًا في ملف الانسحاب والأسرى ودخول المساعدات، ونقلوا لنا ردودًا إيجابية من الاحتلال الصهيوني، إلا أننا فوجئنا بأن الاحتلال الصهيوني ينسحب من جولة المفاوضات، ومعه مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في خطوة مفضوحة مكشوفة تهدف إلى حرق الوقت والمزيد من الإبادة لشعبنا، ثم يقدِّمون إلينا ملاحظات على ما توصلنا إليه في ما يخص إدارة توزيع المساعدات بقضم دور المؤسسات الأممية والمحلية، حيث يصر العدو على أن تبقى آلية المساعدات التي حولها إلى مصائد الموت والتي تسببت في قتل وجرح الآلاف من أبناء شعبنا».

وأردف الحية: «كذلك يصر الاحتلال على أخذ منطقة واسعة من رفح لإقامة منطقة عزل للنازحين لتمهيد الطريق لعملية تهجير لشعبنا الفلسطيني عبر مصر أو عبر البحر، في مخطط مكشوف ومفضوح يمهد لتصفية قضيتنا».

استمرار حرب الإبادة

وقال: «إننا أمام تنكر العدو لنتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات، ومحاولة مواصلة الابتزاز والمماطلة واستخدام المفاوضات غطاء وأداة للتجويع واستمرار حرب الإبادة والضغط علينا ليحقق عبرها ما فشل في تحقيقه عبر الميدان والقتل والإرهاب، نقول بوضوح إنه لا معنى لاستمرار المفاوضات تحت الحصار والإبادة والتجويع لأطفالنا ونسائنا وأهلنا في قطاع غزة، وإن إدخال الغذاء والدواء فورا وبطريقة كريمة لشعبنا هو التعبير الجدِّي والحقيقي عن جدوى استمرار المفاوضات، ولن نقبل أن يكون شعبنا ومعاناته ودماء أبنائه ضحية لألاعيب الاحتلال التفاوضية وتحقيق أهدافه السياسية».

وأضاف الحية: «كما أننا نرفض المسرحيات الهزلية التي تسمى بعمليات الإنزال الجوي، والتي لا تعدو عن كونها دعاية للتعمية على الجريمة، ولا أدل على ذلك من أن كل 5 عمليات إنزال جوي تساوي شاحنة صغيرة، والخطوة الحقيقية هي فتح المعابر ودخول المساعدات بطريقة كريمة لشعبنا، وهذا ما كفلته القوانين الدولية حتى في وقت الحرب».

 

مجازر ومجاعات

ووجه الحية رسالة إلى الأمتين العربية والإسلامية، قال فيها: «أمتنا العربية والإسلامية، إن شعبنا الفلسطيني يشعر بحالة كبيرة من الخذلان، ففي الوقت الذي يلاقي فيه الأهوال والمجازر التي فاقت كل تصور، وما نشاهده من أطفال تُقتَل جوعًا، ورجال لا يقوون على الوقوف، ونساء يبكين ضعفًا ويتضورن جوعًا، وأمام هذا كله لا يتفهَّم أحد من شعبنا أن تبقى أمتنا العظيمة التي تملك الكثير من المقدرات والقدرات عاجزة أمام حرب الإبادة والتجويع ومنع إدخال المساعدات والماء والدواء لأهل غزة كرام الناس، كما لا يمكن أن نتقبل هذه الحالة من الخذلان لشعبنا، وأمتنا تشاهد وتتابع شعبنا وهو يُذبَح ويُجوَّع ويُقتَل ويُبَاد على الهواء مباشرة، في ألأبشع محرقة نازية في العصر الحديث».

وتساءل الحية: «أما آن الأوان لتتحرك الأمة عمليًّا لكسر الحصار عن غزة؟ لإيصال الطعام والماء والدواء لأهلكم وإخوانكم؟ أليس من المؤلم بل من المفج أن يحصل المحتل المجرم الصهيوني على دعم لا محدود فيما لا تمتد لشعبنا يد تدعمه حتى لو بالطعام ومقومات الحياة؟».

وقال: «إننا ندعو دول ومكونات الأمة العربية والإسلامية إلى قطع كل أشكال العلاقات السياسية والدبلوماسية والتجارية مع الكيان الصهيوني، كما ندعو جماهير الأمة إلى التعبير عن الغضب الكامن في صدورهم بكل الوسائل والسبل جراء ما يجري في غزة الحرة، ونخص شعوبنا العربية والإسلامية، وبالتحديد في الدول المجاورة لفلسطين إلى الزحف نحو فلسطين برًّا وبحرًّا وحصار السفارات وتفعيل المقاطعة الاقتصادية والسياحية لكل ما يتعلق بالعدو ومصالحه والعمل على عزله وملاحقة قادته وجنوده ومجرميه في المحافل القانونية».

وأضاف: «إن فلسطين تناديكم، غزة وأهلها يناشدون فيكم نخوة العرب وأصالة الإسلام، وينتظرون منكم فعلًا لا قولًا، فالصمت اليوم جريمة وليس عجزًا، وإلى علماء هذه الأمة وأحرارها، إن حرائر غزة يستنجدون بكم، زوجات وأمهات وأخوات الشهداء يحملن الأواني الفارغة، ويبحثن عن بعض لُقيمات من الطعام لأطفالهن، ويتحملن في سبيل ذلك كل أنواع المشقة والإذلال، حتى الموت، فيما هذا العدو المجرم يُمعن في القتل والإهانة، أما سمعتم صرخاتهن وا إسلاماه؟ إن الأمانة في أعناق علماء هذه الأمة كبيرة وعظيمة، لذا فإننا ندعو علماء أمتنا لأخذ دورهم الحقيقي في قيادة الجماهير لمواجهة هذا العدو المجرم».

رسالة إلى الأردن

ووجه الحية رسالة إلى الأردن وشعبه، قال فيها: «أهلنا في الأردن، أرض الحشد والرباط، يتطلع شعبنا لكم بكثير من الأمل والأخوة، كما جُدتم بأرواحكم ودمائكم وارتقى شهداؤكم على حدود فلسطين، أن تواصلوا هبَّتكم الشعبية، وتكثفوا جهودكم لتوقفوا هذه الجريمة البشعة ضد أشقائكم ومقدساتكم، لتمنعوا اليمين الصهيوني من تحقيق مخططة بالوطن البديل وتقسيم المسجد الأقصى».

رسالة إلى مصر

كما وجه الحية رسالة إلى مصر وأهلها، قال فيها: «أشقاءنا في مصر الكنانة، نخاطبكم بمكانة مصر السياسية والاجتماعية في أمتنا وفي الساحة الدولية، وندرك أنكم تتألمون لألم أهلكم وإخوانكم في غزة، يا أهل مصر، يا قادة مصر، يا جيش مصر وعشائرها وقبائلها وعلماءها وأزهرها وكنائسها ونُخبها، أيموت إخوانكم في غزة من الجوع وهم على حدودكم وعلى مقربة منكم؟ إن الاحتلال قد حول معبر رفح معبرًا للموت والقتل والتجويع لتنفيذ مخططه في تهجير شعبنا بعد أن كان شريان حياة لشعبنا، لذا نتطلع بكل ثقة لمصر العظيمة أن تقول كلمتها الفاصلة إن غزة لن تموت جوعًا ولن تقبل أن يبقي العدو معبر رفح مغلقًا أمام حاجات أهل غزة».

رسالة  لأحرار العالم

ووجه الحية رسالة أخرى لكل أحرار العالم، قال فيها: «أمتنا العزيزة، أحرار العالم، نقف باعتزاز أمام المبادرات الكريمة ونخص هنا الإسناد العسكري والشعبي في اليمن الشقيق، وكذلك المبادرات المهمة والفعالة من الحراك العالمي إلى المسير البري والبحري وسفينة مادلين وسفينة حنظلة، والمسيرة العالمية نحو غزة، وقافلة الصمود الأولى التي خرجت من  تونس والجزائر وليبيا وساندتها مجموعات من دول أخرى، كل أولئك رفضوا جرائم الاحتلال وقرَّروا كسر حالة العجز ليقولوا نحن معكم يا أهل غزة ولا مستحيل مع الإرادة».

واختتم الحية كلمته بالقول: «يا شعبنا الصامد الصابر في قطاع غزة، حقكم علينا وعلى أمتنا كبير، وسنبقى الأوفياء لكم ولتضحياتكم بعون الله، وكلنا أمل وعلى يقين بأن هذه المعاناة بإذن الله زائلة، وإن الحق منتصر وإن عربد الظالم وتجبر، فداكم حبات عيوننا، فداكم ارواحنا، فداكم دماؤنا، سلام عليكم في الأولين والآخرين وكل وقت وكل حين، وإنه لجهاد نصر أو استشهاد».