ملاحظات حول السلطة الوطنية لمكافحة الفساد

 أحمد عبد الرحمن سيدن

 

استجابة للمواد 5  و6 و 36 من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد التي صادقت عليها بلادنا سنة 2006 ، وفي إطار تكريس الشفافية في تسيير الشؤون العامة ومكافحةالفساد،
تم إنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم 2025 -023 بتاريخ 25 يونيو 2025 مكلفة بالوقاية من الفساد ومكافحته، وأعطاها المشرع هياكل وصلاحيات واسعة في مجال ذلك.

أولا: السلطة الوطنية لمكافحة الفساد شخص معنوي 

إن الاعتراف بالشخصية المعنوية للسلطة الوطنية لمكافحة الفساد لايعد أمرا حاسما لمعرفة استقلالية السلطة إلا أنه لا ينبغي التقليل من أهمية الشخصية المعنوية كنظام قانوني وما يترتب عليها من نتائج هذا نتيجة اعتبار الشخص المعنوي كيان قانوني قائم بذاته، وقد نص القانون صراحة على أن السلطة الوطنية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي(المادة 3 من القانون المتعلق بالسلطة الوطنية لمكافحة الفساد).
والاعتراف بالشخصية المعنوية للسلطة هو وسيلة قانونية يترتب عنه عدة نتائج، وقد ذكر 
قانون الالتزامات والعقود أهم النتائج المترتبة عن الاعتراف بالشخصية المعنوية، من ذمة مالية، وأهلية في الحدود التي يقررها القانون، وموطن، ونائب يعبر عن إرادتها، وحق التقاضي(المادة 20).

ثانيا: هيكلة السلطة الوطنية لمكافحة الفساد

من خلال استقراء للمواد 6 و 7 و 8 و 9 و 10 من القانون المتعلق بالسلطة الوطنية لمكافحة الفساد، نجد أنه ونظرا لتشعب الأعمال الاقتصادية والمالية واتساعها، فقد حرص المشرع على إعطاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد طابعا جماعيا إضافة إلى الرئيس المعين من طرف رئیس الجمهوریة لمدة خمس سنوات قابلة للتجدید مرة واحدة، فالسلطة تتكون من المجلس والذي يتكون من ست (6) شخصيات وطنية مستقلة من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة، ويعينون بمرسوم من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح من اللجنة المنصوص عليها في المادة 13 من القانون المتعلق بالسلطة، ولمأمورية من ست (6) سنوات غير قابلة للتجدید. ويتم تجديد نصف أعضائه كل ثلاثة (3) سنوات.

ثالثا: صلاحيات السلطة الوطنية لمكافحة الفساد

بالرجوع إلى المادة 5 من القانون المتعلق بالسلطة الوطنية لمكافحة الفساد يلاحظ أن المشرع قد أعطاها صلاحيات واسعة على كامل التراب الوطني في مجالي الوقاية من الفساد ومكافحته من خلال توليها للتحريات الإدارية والمالية وإجرائها للتدابير التحفظية بسبب الإثراء غير المشروع وإشعار محكمة الحسابات بأي تجاوزات تدخل ضمن اختصاصها.
وفي الأخير من خلال هذه الملاحظات، نجد أن المشرع قد منح للسلطة الوطنية لمكافحة الفساد هياكل وصلاحيات واسعة في مجالي الوقاية من الفساد ومكافحته، غير أنه قد حرمها من جهة أخرى من الوظيفة القمعية مما يعني أن وظيفة السلطة هي وظيفة وقائية بالدرجة الأولى وليست عقابية.