محمد عبد الله محمد جدو
بدأت مناطق الداخل الموريتاني خلال السنوات القليلة الماضية، في فرض نفسها كواجهة سياحية جاذبة، وذلك في إطار جهود وطنية لإحياء السياحة الداخلية وتحفيز النشاط الاقتصادي والثقافي في جميع الولايات .
وازداد هذا التحول ليسجل أرقام قياسية هذا العام، بعد التوجه الذي أطلقه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بضرورة تشجيع قضاء العطلة في داخل الوطن، ليصبح هذا التحول نتيجة للخطط الاستراتيجية التي انطلقت باعتبار السياحة الداخلية هي الرافعة الأمثل للتنمية الاقتصادية من خلال دعمها و الحد من تسرب العملة الصعبة إلى الخارج، إضافة إلى خلق فرص عمل ومنح سكان المناطق فرص مباشرة لللاستفادة من الحراك السياسي المتزايد.
و لم تعد العطلة بالنسبة للمواطن الموريتاني مرتبطة فقط بالسفر إلى الخارج، وإنما باتت الطبيعة المحلية وما تزخر به من تنوع وثراء، تقدم بدائل مغرية للاكتشاف والاستجمام داخل الحدود الوطنية. الأمر الملفت أن هذا التحول لم يكن عشوائيًا بل جاء نتيجة خطط موسمية محكمة، أعلنت سلسلة من المبادرات الهادفة إلى إبراز جماليات البلاد الطبيعية والثقافية.
وهكذا بدأت تتكرس قناعة جديدة لدى المواطن الموريتاني بأن العطلة ليست مقتصرة على السفر إلى الخارج فقط، بل أصبح ينظر إلى الطبيعة المحلية، وما تحتويه من تنوع وغنى، كبدائل جذابة للاستكشاف والاسترخاء ضمن حدود البلاد.
و في ظل هذا التحول تم وضع استراتيجيات موسمية مدروسة، أطلقت مجموعة من المشاريع الهادفة إلى تسليط الضوء على ميزات البلاد الطبيعية والثقافية ، بدأت هذه الفعاليات من إطارها عبر موسم «الكيطنه» في أطار بولاية آدرار ، ومرت بمهرجان التمور في كيفة، لتتواصل إلى مواسم الشواطئ والثقافة والرعي في عدة ولايات -كما هو مخطط لها -مما سيشكل شبكة متكاملة من الأنشطة التي تعزز اللحمة الاجتماعية وتنعش الاقتصاد المحلي.
وبناء على هذه المعطيات وفي ضوء الحراك السياحي المتنامي، يُعاد تعريف مفهوم العطلة للمواطن الموريتاني من خلال خلق وعي جديد يمنح للطبيعة المحلية مكانتها المستحقة كأول وجهة للسياحة والاستجمام، خصوصا مع تواصل إطلاق المواسم السياحية المتنوعة و تفعيل المهرجانات الثقافية في مختلف مناطق الوطن، تترسخ السياحة الداخلية كخيار استراتيجي يعزز الاقتصاد الوطن ويفتح آفاق للتنمية المتوازنة والاندماج الاجتماعي.