بدأت السلطات االلبنانية، اليوم الخميس، 21 اغسطس/ آب الجاري، تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية، وفق ما أفاد مسؤول لبناني، في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة أقرها الجانبان قبل نحو 3 أشهر، وسعي بيروت لحصر السلاح بيد الدولة.
وجاء الإعلان عن بدء تسليم سلاح المخيمات عقب تكليف الحكومة اللبنانية مطلع الشهر الجاري، الجيش بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله الذي تكبّد خسائر كبيرة في حربه الأخيرة مع اسرائيل، على أن يتم تطبيقها قبل نهاية العام.
وقال مصدر أمني في مخيم فلسطيني في بيروت إن حركة فتح ستبادر الى تسليم السلاح، معتبرا أن الخطوة شكلية لتشجيع الفصائل الأخرى على الإقدام.
وقال رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني السفير رامز دمشقية في بيان وزعته رئاسة الحكومة، «تبدأ اليوم المرحلة الأولى من مسار تسليم الأسلحة من داخل المخيمات الفلسطينية، انطلاقا من مخيم برج البراجنة في بيروت، حيث ستُسلَّم دفعة أولى من السلاح وتُوضع في عهدة الجيش اللبناني».
وأوضح دمشقية المكلّف من الحكومة الملف الفلسطيني أن عملية التسليم ستشكّل «الخطوة الأولى»، على أن تُستكمل بتسلّم دفعات أخرى في الأسابيع المقبلة في مخيم برج البراجنة وباقي المخيمات».
وشاهد مصور لوكالة فرانس برس أمام مقرّ لحركة فتح الفلسطينية عند مدخل المخيم الواقع في جنوب بيروت، عشرات المقاتلين بزي عسكري يحملون بنادق من طراز كلاشينكوف، وسط تجمع للسكان.
وقال مسؤول أمن فلسطيني في مخيمات بيروت لفرانس برس من دون الكشف عن هويته، «ستبدأ حركة فتح تسليم سلاحها في مخيم برج البراجنة في إطار التنسيق مع الجيش اللبناني».
تشجيع بقية الفصائل
واتفق الجانبان اللبناني والفلسطيني في 23 مايو/ أيار خلال زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس الى بيروت، على "خطة تنفيذية لسحب السلاح من المخيمات"، وفق ما أفاد حينها مصدر حكومي لبناني فرانس برس.
وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ الخطة منتصف يونيو/ حزيران في مخيمات بيروت على أن تليها المخيمات الأخرى.
والأسبوع الماضي، ردّ الرئيس اللبناني جوزاف عون في مقابلة تلفزيونية «تأخير» تطبيق الخطة إلى الاعتداءات الإسرائيلية على إيران، وبعض الاعتبارات الداخلية عند السلطة الفلسطينية».
ولا تتحكّم السلطة الفلسطينية بقرار كافة الفصائل الفلسطينية المسلّحة في مخيمات لبنان، وعلى رأسها حركة حماس.
ولا يبدو أن خطوة البدء بتسليم السلاح تحظى بإجماع بين كل الفصائل الفلسطينية.
وقال مصدر أمني فلسطيني في مخيم برج البراجنة لفرانس برس إن «مبادرة حركة فتح ببدء تسليم السلاح شكلية، وجاءت بموجب اتفاق بين عون ونجل الرئيس الفلسطيني ياسر عباس الذي يزور بيروت حاليا».
وأوضح أن هدفها «تشجيع بقية الفصائل على أن تحذو الخطوة ذاتها، مشيرا الى أن "بقية الفصائل الفلسطينية التي تحظى بنفوذ في المخيم ومخيمات أخرى لم تقرر تسليم سلاحها بعد».
وقف إطلاق النار
وقال عضو قيادة حركة فتح في منطقة بيروت بديع الهابط لفرانس برس إن ما يجري هو تسليم السلاح غير الشرعي بحوزة أشخاص غير شرعيين، موضحا أن بعضه ثقيل وبعضه متوسط.
وأضاف أن السلاح الفردي الذي بحوزة عناصر الأمن الفلسطيني في مخيمات اللاجئين لا يشمله هذا التسليم.
وشكّل سلاح الفصائل الفلسطينية عنصرا أساسيا في اندلاع الحرب الأهلية في لبنان (1975 - 1990).
وبناء على اتفاق ضمني، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها.
ويعدّ مخيّم عين الحلوة قرب مدينة صيدا (جنوب)، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويؤوي أشخاصا مطلوبين من السلطات اللبنانية.
ويقيم في لبنان أكثر من 220 ألف فلسطيني غالبيتهم في مخيمات مكتظة وبظروف مزرية ويُمنعون من العمل في قطاعات عدة في البلاد.
وخلال الحرب الأخيرة مع اسرائيل التي استمرت لأكثر من عام، شاركت فصائل فلسطينية في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه اسرائيل، بينها حركة حماس. واستهدفت اسرائيل مرارا عناصر من تلك الفصائل بضربات شنتها على مناطق عدة في لبنان.
وانتهت الحرب بوقف إطلاق نار أبرم في نوفمبر/ تشرين الثاني ، نصّ على حصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية وانسحاب إسرائيل من نقاط توغلت إليها خلال النزاع. الا ان الدولة العبرية أبقت قواتها في خمس مرتفعات استراتيجية، وتواصل شنّ ضربات بشكل شبه يومي.
وبالإضافة إلى إقرارها نزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام على وقع ضغوط أميركية، وافقت الحكومة اللبنانية على أهداف وردت في ورقة أميركية، كان حملها المبعوث الأميركي توم باراك إلى المسؤولين اللبنانيين في وقت سابق.
وتشمل الورقة تفاصيل حول جدول وآلية نزع الترسانة العسكرية، بدءا بوقف تحركات الحزب ونقل سلاحه على الأرض، وصولا إلى انتشار القوات المسلحة اللبنانية على مراحل في كل مناطق سيطرته، وتعزيز مراقبة الحدود.
نزع سلاح حزب الله
اعتبر الموفد الأميركي، توم باراك، من بيروت في وقت سابق، أن الحكومة اللبنانية قامت بـ«الخطوة الأولى» عبر إقرارها نزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام، ويتعين على إسرائيل حاليا القيام بخطوة موازية في إطار تطبيق وقف إطلاق النار.
وأنهى الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بوساطة أميركية في نوفمبر/تشرين الثاني، حربا مدمرة بين إسرائيل وحزب الله استمرت لأكثر من عام.
ومما نصّ عليه، حصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية وانسحاب إسرائيل من نقاط توغلت إليها خلال النزاع.
إلا أن إسرائيل أبقت قواتها في 5 مرتفعات استراتيجية، وتواصل شنّ ضربات بشكل شبه يومي.
وتعد زيارة باراك هي الأولى بعد التزام السلطات تجريد حزب الله من سلاحه قبل نهاية العام، على وقع ضغوط أميركية، وتخوّف من أن تنفّذ إسرائيل تهديدات بحملة عسكرية جديدة ما لم يتم نزع سلاح الحزب المدعوم من إيران.
المصدر :أ ف ب