نيويورك تايمز: الهند بين واشنطن وبكين.. صداقة أم تحوّل استراتيجي؟

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنّ محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ممارسة «الدبلوماسية بالقوة الغاشمة»، من خلال الرسوم الجمركية والعقوبات والضغوط العلنية، تؤدي إلى نتائج عكسية تدفع حلفاء محتملين للولايات المتحدة إلى أحضان الصين وروسيا.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الهند، التي طالما سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى تعزيز شراكتها، بدت في الأسابيع الأخيرة أقرب إلى بكين. فخلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون في الصين، ظهر رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى جانب الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ، مبتسمًا ومتبادلًا الأحاديث معهما. 

وقد علّق ترمب على هذه الصور في منشور على «تروث سوشال» قائلًا: «يبدو أننا خسرنا الهند وروسيا لصالح الصين»، قبل أن يضيف ساخرًا: «أتمنى لهم مستقبلًا طويلًا ومزدهرًا معًا».

وترى الصحيفة أن هذا الاعتراف العلني يعكس إدراكًا متأخرًا لنتائج سياسات ترمب. فالهند، التي قادت حركة عدم الانحياز خلال الحرب الباردة، معتادة على اللعب على التوازنات بين القوى العظمى، لكن تصريحات ترمب المتناقضة وعقوباته الجمركية أثارت شكوكًا في نيودلهي بشأن مصداقية واشنطن كحليف. 

وقال أستاذ الاقتصاد ديفاشيش ميترا: «تشعر الهند الآن أن الولايات المتحدة ليست شريكًا يمكن الوثوق به. وإذا اقتربت من الصين، فسيكون ذلك صداقة مصلحية».

وأوضحت الصحيفة أنّ ترمب زعم سابقًا أنه «حل» النزاع بين الهند وباكستان، ما أثار استياءً واسعًا في نيودلهي التي ترفض أي تدخل خارجي في علاقتها المعقدة مع إسلام آباد.

كما فرض رسومًا جمركية قاسية على الهند عقابًا لشرائها النفط الروسي، في الوقت الذي لم يفرض فيه عقوبات مماثلة على الصين، المستورد الأكبر للنفط الروسي. 

وقال خبير في جامعة جونز هوبكنز إنّ «هذه السياسات قد تترك ندوبًا دائمة على علاقة استراتيجية حيوية لأمريكا».

ولم تقتصر التداعيات على الهند وحدها، إذ يشير التقرير إلى أن قادة مصر وتركيا وفيتنام – وجميعها دول تضررت من رسوم ترمب – حضروا القمة ذاتها في الصين، إلى جانب روسيا وإيران وكوريا الشمالية. كما توترت علاقة ترمب بالبرازيل بسبب محاكمة الرئيس السابق بولسونارو، وبجنوب أفريقيا على خلفية قانون الأراضي الجديد. 

واعتبرت «نيويورك تايمز» أن هذه التطورات تعكس «تكتل الدول الناقمة» ضد واشنطن نتيجة سياسات ترمب.

ويشير التقرير إلى أنّ التحالف المتنامي بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، مع انفتاح محتمل للهند على هذا المعسكر، يمثل تحولًا جيوسياسيًا خطيرًا. 

ويضيف أن صور قادة هذه الدول وهم يتقاربون في بكين تمثل إنذارًا بأن إعادة تشكيل موازين القوى العالمية قد بدأت بالفعل، وأن الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية واضحة للتعامل معها.

وحذّر مسؤولان سابقان في إدارة بايدن، كورت كامبل وجيك سوليفان، في مقال بمجلة «فورين أفيرز»، من أن تدهور العلاقات الأمريكية–الهندية قد يمنح الصين ميزة الابتكار ويقوض مكانة واشنطن. 

وقالا: «المسار الحالي ينذر بانقسام يصعب إصلاحه، كما أظهرت جلسة مودي الودية مع شي وبوتين، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها تدفع الهند مباشرة إلى أحضان خصومها».

واختتمت «نيويورك تايمز» تحليلها بالتأكيد على أنّ الهند، رغم خلافاتها مع الصين، ما زالت حريصة على علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، لكن سياسات ترمب تجعل من الصعب على أي قيادة هندية قبول نهجه. 

وقال أستاذ السياسة الدولية في نيودلهي راجيش راجاغوبالان: «الولايات المتحدة لم تخسر الهند بعد. إذا أرادها ترمب، فبوسعه استعادتها».