سقط ريال مدريد مجدداً أمام برشلونة ليخسر اللقب المحلي الثالث أمام غريمه الأزلي في الموسم الحالي.
سقوط متوقع قياساً بما عاشه النادي الملكي هذا الموسم من أحداث ساهمت في وصوله للقاع، بعدما قضى الموسم الماضي في القمة محلياً وأوروبياً.
بوادر الأزمة التي عاشها ريال مدريد في الموسم الحالي لاحت في الأفق منذ زمن بعيد، لكن إدارة الرئيس فلورنتينو بيريز تغاضت عنها، في ظل تعنّت إداري كبير في إيجاد حلول سريعة للأزمات، وإصرار المدرب كارلو أنشيلوتي على "الانتحار بأفكاره" وتهميش أبناء مدرسة ريال مدريد "لافابريكا".
فلورنتينو يدفع ثمن غطرسة "عدم تعاقداته"
في ظل البحث عن الأسباب والمسببات التي كانت وراء الموسم "الصفري"، في انتظار مسابقة كأس العالم للأندية 2025، يتصدّر اسم المدير الفني الإيطالي كارلو أنشيلوتي المشهد، لأننا اعتدنا في عالم كرة القدم على أن النجاحات تُحسب للجميع ولكن الخيبات والهزائم يتحمل مسؤوليتها المدرب.
لكن هل يُعتبر فعلاً أنشيلوتي المسؤول الوحيد عن الفشل الذريع للنادي الملكي هذا الموسم؟..
كتب بيدرو موراتا في صحيفة "MARCA" الإسبانية أن "فلورنتينو (بيريز) يدفع ثمن غطرسة عدم تعاقداته".
سيقول قائل: كيف ذلك وهو الذي تعاقد مع كيليان مبابي أحد أفضل 3 لاعبين في العالم.
وتابع موراتا في مقاله: " إذا كان ريال مدريد بحاجة إلى تدعيم صفوفه فإن الأولوية لم تكن لمركز مبابي، وهذا على الرغم من الأرقام الرائعة التي حققها كيليان: 38 هدفاً في 52 مباراة.. 27 منها في الدوري الإسباني وهاتريك في الكلاسيكو".
إدارة فلورنتنيو بيريز ويده اليُمنى المتمثلة في مستشاره خوسي أنخيل سانشيز كلّفت النادي الملكي موسماً كارثياً، إذ يعتبر من غير المفهوم أن يرحل المدافع التاريخي ناتشو فيرنانديز "الورقة الرابحة في الدفاع الملكي"، مع علم الإدارة بإصابة ألابا ومشاكله البدنية، ورحيل كروس، ومع ذلك لم يُحرك بيريز ومن معه ساكناً في السوق.
وحتى بعد نهاية موسم الثنائي كارفاخال وميليتاو بإصابات طويلة الأمد في أكتوبر ونوفمبر 2024، لم تقم الإدارة بأي تحرك في السوق، وكأنها تخلّت عن الفريق والمدرب أنشيلوتي في الطريق.
بل الأدهى من ذلك، أن الإدارة والمدرب كانا يعلمان أن المدافع الوحيد المتاح في الفريق هو الألماني أنطونيو روديغر يلعب أكثر من 7 أشهر بإصابة في الركبة، قبل ظهور طوق النجاة الوحيد راؤول أسينسيو وسط الموسم.
ما يثير الاستغراب في إدارة بيريز ومن معه للموسم، كان النادي الملكي قريباً من حسم صفقة المدافع الفرنسي ليني يورو صيفاً، قبل أن يخسر المعركة لصالح مانشستر يونايتد، ليتخلى بعدها النادي على فكرة التعاقد مع مدافع بديل لناتشو من الأساس، مع وجود خيسوس فاييخو الذي يصوره الجمهور الملكي في خانة "العالة"، إذ لا يتم الاعتماد عليه أبداً.
أنشيلوتي.. ضحية أم مذنب؟
في ظل تخاذل الإدارة وعدم تنفيذ طلبات المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي بتعزيز صفوف الفريق بعد خروج توني كروس الذي يعتبر حجر أساس طريقة لعب النادي الملكي في موسم ثنائية الدوري والأبطال، وبوجود لوكا مودريتش المتقدم في السن، الذي لا يقدر على لعب جميع مباريات الموسم.
ونظراً لعدم تدخل الإدارة لإنقاذ الموسم بضم مدافعين وظهير أيمن لسد فجوة وثغرة غياب القائد داني كارفاخال، فضّل أنشيلوتي بلغة كرة القدم "الانتحار بأفكاره" رافضاً إيجاد حلول من مدرسة النادي.
وكتب خوان إيغناسيو غارسيا-أوشوا في صحيفة "ماركا": "من المستحيل ألا يوجد ظهير أفضل من لوكاس فاسكيز في المدرسة".
مُشيراً في الوقت ذاته إلى أن: "العيب لا يكمن في لوكاس (فاسكيز)، اللاعب الذي تلاشى بمرور الوقت والذي يجب أن يكون له دور ثانوي للغاية في الفريق، ولكن في أولئك الذين يصرون على استخدامه ولا يبحثون عن حلول أخرى". في إشارة إلى رفض أنشيلوتي تجريب حلول من المدرسة مثل خيسوس فورتيا.
في مباريات الكلاسيكو الأربع التي خسرها ريال مدريد، سجل برشلونة 16 هدفاً واستقبلت شباكه 7 أهداف، ومن الواضح أين تكمن المشكلة بالنسبة للجميع تقريباً باستثناء فلورنتينو وأنشيلوتي.
من غير الطبيعي أن يكون نادٍ من قيمة واسم ريال مدريد بدفاع في الكلاسيكو مكون من لوكاس فاسكيز وتشواميني وأسينسيو وفران غارسيا، وأن تتوقع حدوث معجزة.
سيرحل كارلو بموسم "للنسيان"، وقد لا يُنسى للمشجع الباحث عن مساحة أمل في انتصارات وإنجازات ناديه.. سيرحل كارلو وهو المدرب الأكثر تتويجاً بالألقاب في تاريخ ريال مدريد (15 لقباً).
لكن أصابع الاتهام لا يجب أن تُوجه له وحده، بل يجب أن يُلام فلورنتينو الذي تركه وحيداً وسط الطريق، بتسيير عبثي أعطى أكله في الموسم الذي سبقه بعد إصابة ميليتاو وألابا طيلة الموسم، ولم يتحرك الرئيس لتدعيم الفريق والصفوف، قبل أن يُحقق موسماً تاريخياً بثنائية الدوري ودوري الأبطال إضافة إلى كأس السوبر الإٍسباني.
سيعوض بيريز الفشل الذريع بإقالة أنشيلوتي والمجيء بتشابي ألونسو لقيادة الفريق.. لكن التغيير لن يحدث إن لم يعترف الرئيس بأخطائه ويتخلى عن استراتيجية وخطة "التقشف".