ماذا كسبنا أو خسرنا في زيارة غزواني للولايات المتحدة الأميركية ؟

الإعلامي والمحلل السياسي: محمد محمود ولد بكار

 

لقد صار من الواضح أن دعوة لترامب بمثابة دعوة لحفرة الأرنب: مكان صغير أخلاقية وسلوكيا، لا يمكن أن تتوقع معه ما يحدث لك، بدلا من مكان رحب لأقوى دولة اقتصاديا وعسكريا وديبلوماسيا يحب أن تجد فيها الدولة الصغيرة ملاذا أو دعما. إنه مثل من دخل إلى حلبة مصارعة الثيران، سيكون نجاحه في أن يخرج سالما دون أن ينتبه لعدد الكدمات أو الجروح .
فترامب يملك قوة لا مثيل لها، ويملك صلاحيات واسعة لاستغلال تلك القوة، ويملك عقل مومس (من يدفع)، ومنطق كوبوي، وسلوك حارس ملهى !
الولايات المتحدة نفسها لم تسلم مكانتها لبروتوكولية من تصرفات اترامب، كما لا يسلم قانونها الوظيفي القوى من شطط اترامب. وهكذا تعالت أصوات في الكونگرس بعزله ، أما العالم الآخر فإنه كل يوم يصبح على كارثة "اترامبية ".
وهكذا لا يمكن أن تأتي لترامب وتذهب دون أن تدفع ثمنا ما من كرامتك أو من مالك أو من تنازلات معينة في مجالك الحيوي لمصلحة الولايات المتحدة الآمريكية. وفي هذا السياق، ماذا كنا نتوقع أن يقدم ولد الغزواني وهو لا يمكنه بأي صفة رفض دعوة اترامب رغم معرفته أنه سيأتي برجليه لمأزق كبير تحت الكامرات .لقد كان كل ما تلقاه غزواني بأن قاطعه ترامب، وهو أهون ما عنده مقابل أنه شكره بأنه رجل عظيم !وحدهم الرجال الذين دفعوا ما يرضي ترامب هم من حصلوا على الإطراء . فمن أين يا ترى جاء هذا المديح من اترامب؟ أهو تصحيحا لهفوته أو لحقيقة وقف عليها في سياق موقف غزواني من مطالبه !
وفي جميع الأحوال، فترامب لا يملك عقل الاعتذار خاصة تدارك الخطأ.
من الواضح أن ترامب لم يستدع هذه الدول إلا لأجل استفزازها لموقف معين في مصلحة الولايات المتحدة، إما فيما يتعلق بالهجرة أو بالعلاقة بإسرائيل أو تحذيرهم من الارتماء في أحضان مجموعة لبريكس أو الحصول على صفقات أو عقود تفضيلية لمصلحة الولايات المتحدة … الحقيقة كاملة لم تظهر، لكن في ما يتعلق ببلدنا فقد اتضح أنه، رغم صغره في ذهن اترامب، فإنه يملك مواقف وخطوط ثابتة في سياسيته الخارجية وفي تقييمه لمصالحه .موريتانيا لن تطبع مع إسرائيل، ولن تكون نقطة لتجميع الهجرة. هذه هي حقيقة الموقف الموريتاني الذي عبر عن غزواني، لكن إلى أي حد استوعب ترامب لدرجة تقبله وهل ذلك هو مرد امتداح ترامب لغزواني !
وبالمقابل، فقد وافق غزواني بقوة على دعم ترشيح ترامب لجائزة السلام الدولية التي كان حصل عليها، في عالمنا مقلوب القواعد والحقائق، إسحاق رابين. إنه أقل ما يقدر عليه في هذا المأزق، كما تم عقد اجتماعات في مجال الاقتصاد والتعاون .
إن موريتانيا مجبرة ، وهي تمسك بقرون الثور، أن تقدم بعض التنازلات.
وإن أي رئيس جاء لترامب سيكون رهانه الرئيسي هو انتهاء الزيارة دون فرض قيود عليه أو وصمه أو هاناته تحت الكاميرات فلم يسلم حتى الذين دفعوا له المليارات من بذاءاته المباشرة .لقد عاد غزواني دون أن يخسر أي موقف جوهري أليس ذلك عملا رائعا ،وإذا كان أخطأ في عدم الكلام بالعربية وقد قال مقربين منه أن ذلك ضد قناعته وأن كلامه بالفرنسية جاء بسبب غياب المترجم عربي -فإنه أصاب في ثوابت أخرى مهمة