وجّه الكاتب والمحلل السياسي الأميركي المخضرم توماس فريدمان رسائل نارية للإدارة الأميركية عبر صحيفة نيويورك تايمز الجمعة، حذر فيها الرئيس ترمب من الانصياع لسياسات حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية التي يقودها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وكتب فريدمان مخاطبا الرئيس الأميركي : «عزيزي الرئيس ترمب، إن عدم وجود خطط لديك لمقابلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إسرائيل خلال جولتك القادمة بالشرق الأوسط- يوحي لي بأنك بدأت تدرك حقيقةً جوهرية: أن هذه الحكومة الإسرائيلية تتصرف بطرق تهدد المصالح الأميركية الأساسية في المنطقة. نتنياهو ليس صديقنا».
وتابع «نتنياهو ظنّ أنه يستطيع أن يجعلك ضحيته. ولذلك، أُعجبتُ بكيفية إشارتك إليه، من خلال مفاوضاتك المستقلة مع حماس وإيران والحوثيين، بأنه لا يملك أي سلطة عليك، وأنك لن تكون ضحيةً له. من الواضح أن هذا قد أصابه بالذعر».
وأضاف «لا شك لديّ في أن الشعب الإسرائيلي، بشكل عام، لا يزال يعتبر نفسه حليفًا للشعب الأميركي، والعكس صحيح. لكن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، ليست حليفة أميركا. لأنها أول حكومة في تاريخ إسرائيل لا تضع السلام مع جيرانها العرب وفوائد تعزيز الأمن والتعايش في مقدمة أولوياتها، بل تخطط لضم الضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين من غزة، وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية فيها».
تقويض المصالح الأميركية
وواصل الكاتب الحائز على ثلاث جوائز بوليتز مخاطبته للرئيس ترمب قائلا «إن حكومة نتنياهو، في سعيها لتحقيق أجندتها المتطرفة، تُقوّض مصالحنا. إن عدم سماحكم لنتنياهو بالتفوق عليكم كما فعل مع رؤساء أميركيين آخرين يُحسب لكم. ومن الضروري أيضًا الدفاع عن البنية الأمنية الأميركية التي بناها أسلافكم في المنطقة».
ضم الضفة وتقويض حل الدولتين
وأضاف قائلا لترمب: «لقد حاولت أنت بنفسك في ولايتك الأولى، تعزيز ما أرسته أميركا منذ منتصف السبعينيات، من خلال خطتك الخاصة لإقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية بجوار إسرائيل ــ بشرط أن يوافق الفلسطينيون على الاعتراف بإسرائيل ويقبلوا أن تكون دولتهم منزوعة السلاح، لكن حكومة نتنياهو جعلت ضم الضفة الغربية على رأس أولوياتها عندما وصلت إلى السلطة في أواخر عام 2022 ــ قبل وقت طويل من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023».
وأكمل «على مدار عام تقريبًا، ناشدت إدارة بايدن نتنياهو أن يفعل شيئًا واحدًا لأميركا وإسرائيل: الموافقة على فتح حوار مع السلطة الفلسطينية حول حل الدولتين مقابل تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل».
وأضاف «لكن نتنياهو رفض ذلك، لأن المتطرفين في حكومته قالوا إنه إذا فعل ذلك فإنهم سيسقطون حكومته ــ ومع محاكمة نتنياهو بتهم متعددة بالفساد، فإنه لا يستطيع أن يتخلى عن الحماية النابعة من كونه رئيسا للوزراء من أجل إطالة أمد محاكمته ومنع إمكانية الحكم عليه بالسجن».
وأكد «لقد وضع نتنياهو مصالحه الشخصية فوق مصالح إسرائيل وأميركا. كان تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، سيعزز المزايا الأميركية في الشرق الأوسط التي بدأها نيكسون وكيسنجر لعقد أو أكثر».
نهاية حلم التطبيع
وأضاف فريدمان أن نتنياهو بعد أن ضلّل الجميع لمدة عامين، أفادت التقارير أن الأمريكيين والسعوديين قرروا التخلي عن مشاركة إسرائيل في الاتفاق،. وذكرت وكالة رويترز يوم الخميس أن «الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني».
مزيد من اتهامات جرائم الحرب
وتابع قائلا «الآن قد يزداد الوضع سوءًا. نتنياهو يُعِدّ لإعادة احتلال غزة بخطةٍ لحصر السكان الفلسطينيين في زاويةٍ ضيقة، مُطلةً على البحر الأبيض المتوسط من جهة، والحدود المصرية من جهةٍ أخرى، مع المضي قدمًا في ضمّ الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع بوتيرةٍ مُتسارعةٍ وعلى نطاقٍ أوسع. وبذلك، سيُعرّض إسرائيل (وخاصةً رئيس أركان جيشها الجديد، إيال زامير) لمزيدٍ من تهم جرائم الحرب، وهو ما يتوقع نتنياهو من إدارتكم حمايته منه».
فيتنام على البحر المتوسط
وأضاف فريدمان «لا أتعاطف إطلاقًا مع حركة حماس. لكن خطة نتنياهو لإعادة احتلال غزة لا تهدف إلى إيجاد بديل معتدل لها، بقيادة السلطة الفلسطينية، بل إلى احتلال عسكري إسرائيلي دائم، هدفه غير المعلن هو الضغط على جميع الفلسطينيين للمغادرة. هذه وصفةٌ لتمردٍ دائم - فيتنام على البحر الأبيض المتوسط».
دولة منبوذة
وختم فريدمان رسالته لترمب قائلا «فيما يتعلق بالشرق الأوسط، لديك يا سيدي الرئيس غرائز استقلالية جيدة. اتبعها. وإلا، فعليك أن تستعد لهذا الواقع الوشيك: سيكون أحفادك اليهود أول جيل من الأطفال اليهود الذين سينشأون في عالم تُعتبر فيه الدولة اليهودية دولة منبوذة»، «سأترككم مع كلمات افتتاحية صحيفة هآرتس بتاريخ 7 مايو :في يوم الثلاثاء، قتلت القوات الجوية الإسرائيلية تسعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و14 عامًا. ... وقال الجيش الإسرائيلي إن الهدف كان «مركز قيادة وتحكم لحماس» وإنه «تم اتخاذ خطوات للتخفيف من خطر إيذاء المدنيين غير المشاركين». تضيف هآرتس « يمكننا أن نستمر في تجاهل عدد الفلسطينيين في القطاع الذين قُتلوا - أكثر من 52000 ، بما في ذلك حوالي 18000 طفل؛ والتشكيك في مصداقية الأرقام، واستخدام جميع آليات القمع والإنكار واللامبالاة والتباعد والتطبيع والتبرير. لن يغير أي من هذا الحقيقة المرة: إسرائيل قتلتهم. أيدينا فعلت هذا. يجب ألا نغض الطرف. يجب أن نستيقظ ونصرخ بصوت عالٍ: أوقفوا الحرب».
فجوة بين واشنطن وتل أبيب
كشفت وسائل إعلام عبرية الجمعة عن حجم الشقاق بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية بشأن توسيع نطاق الحرب في قطاع غزة.
ونقلت صحيفة معاريف عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن الإدارة الأميركية تفضل وقفا لإطلاق النار في غزة، ولا تحبذ قيام تل أبيب بعملية عسكرية شاملة.
أشارت المصادر إلى أن الأميركيين نقلوا رسالة إلى إسرائيل تطالب بعدم اتخاذ إجراءات مفاجئة قبل زيارة الرئيس دونالد ترمب للشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة نقلا عن المصادر ذاتها إن «حكومة نتنياهو أضاعت الوقت إذ يستحيل البدء بالعملية العسكرية قبيل وصول ترمب للشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنه سيكون من الصعب قول لا للرئيس الأميركي.