"البيروقراطية " مرض إداري خطير يعصف بكثير من دول العالم ...
تعاني الإدارة الموريتانية من هذا المرض الذي ينخر جسمها ويؤدي لمشاكل كثيرة تتعلق بأداء عملها .
تُعرّف "البيروقراطية بأنها نظام إداري يتسم بالتعقيد والتباطؤ في اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات، ويتسم بالهيكلية الصارمة والإجراءات المعقدة".
وفي موريتانيا توجد أسباب متعددة لهذه البروقراطية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
ـ الهيكلة الإدارية الجامدة للمرافق الحكومية، وأخص بالذكر هنا الوزارات والإدارات، حيث تكون المهام والمسؤوليات والتخطيط مقتصرة على أعلى الهرم ، ولايستطيع باقي الموظفين العمل دون تكليف مسبق من المسؤول الأعلى؛
ـ التعيينات التي غالبا ماتضع الكفاءة والأقدمية في مرتبة متأخرة، مما يجعل الشخص المسؤول الذي وضعته الأقدار في القمة عاجزا وبالتالي يصاب المرفق العمومي بالشلل؛
ـ غياب مبدأ المكافأة مما يحفز الموظفين على العمل الجاد، وغياب العقوبة في حالة الإخلال بالعمل كرادع؛
ـ غياب الرقابة الجادة، رغم جيش المفتشين - على الورق ـ وكثرة المناصب التي يتم ملؤها للترضية، طبقا لإملاءات ضيقة ليس إلا؛
ـ فوضوية المجتمع وتحكم المعايير الضيقة في التعامل مع الإدارة كبقرة حلوب ينتفع الموظف ومحيطه من دَرِّهَا السائغ؛
ـ عدم وجود تقاليد إدارية، وانعدام ثقافة حُبّ العمل والإنتاج، ووجود مسلكيات شاذة، كاتخاذ المكاتب الإدارية مكانا لاحتساء الشاي والمواعدة والنقاشات القبلية والأحاديث الجانبية.
وبرغم الجعجعة الرسمية عن عصرنة الإدارة وتقريبها من المواطنين إلا أنها بقيت دون طحين، وإليكم بعض الأمثلة :
1ـ هنالك موظفون رسميون يقضون أشهرا في طلب لقاء مرؤوسهم دون الحصول على فرصة سانحة لذلك، رغم لقاءاته لكثيرين لا علاقة لهم بالعمل أصلا؛
2ـ بريد يَرِدُ إلى بعض المرافق العمومية، ويقضي عدة أشهر دون الحصول على جواب؛
3ـ مواطنون يترددون على بعض المرافق لقضاء حاجات بسيطة ولكنها ملحة بالنسبة لهم، ويضيع وقتهم وجهدهم دون جدوى أو على الأقل توضيحا مقنعا.
ختاما: البيرقراطية مرض الإدارة الموريتانية المزمن ... ويجب على السلطات العليا إدارك أنه لاتنمية دون إدارة عصرية، ولن يتم ذلك إلا بالقضاء على أعشابها الضارة المنتشرة في كل زاوية من زوايا إدارتنا التي يراد لها النهوض! .. فكيف يستقيم الظل والعود أعوج؟