وسط إدانة أوروبية.. 14 قتيلا في ضربات روسية على كييف

قتل 14 شخصا على الأقل بينهم ثلاثة أطفال في هجوم جوي روسي واسع على كييف ليل الأربعاء الخميس، بحسب السلطات الأوكرانية، بينما اعتبر الرئيس فولوديمير زيلينسكي أن موسكو تفضّل الصواريخ على التفاوض لإنهاء الحرب المتواصلة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

ويأتي الهجوم، وهو من الأكبر منذ اندلاع الحرب مطلع العام 2022، في وقت تتعثر الجهود الدبلوماسية الأخيرة للتوصل الى تسوية للحرب، خصوصا عقب اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من شهر أغسطس/ آب الجاري.

وأفادت خدمات الإنقاذ لوكالة فرانس برس بأن حصيلة الهجوم بلغت 14 قتيلا على الأقل بينهم ثلاثة أطفال.

وأكدت القوات الجوية الأوكرانية، أن روسيا أطلقت 589 مسيّرة و31 صاروخا، في ثاني أكبر هجوم من حيث العدد الإجمالي منذ اندلاع الحرب. وأفادت باعتراض 563 طائرة و26 صاروخا.

وفي وقت مبكر صباح الخميس، كانت فرق الإنقاذ والسكان يعملون على جمع الحطام والزجاج المتناثر في شوارع وسط كييف، بينما قام آخرون بنقل جثث وجرحى، وفق ما شاهد صحفي في وكالة فرانس برس. وتسببت إحدى الضربات بأضرار بالغة في خمس طبقات من مبنى سكني وأدت إلى شقه نصفين.

وشاهد صحفيو فرانس برس عمال إنقاذ يرفعون الركام عن جثة شخص، قبل وضعها في كيس أسود ونقلها من المكان.

كما تضرر مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في كييف جراء الهجوم، بحسب ما أعلن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.

وندد كوستا بـ«ليلة جديدة من الهجومات الصاروخية الروسية القاتلة على أوكرانيا»، مبديا تعاطفه مع «الضحايا الأوكرانيين وأيضا أفراد بعثة الاتحاد الأوروبي التي تضرر مبناها في هذه الضربة الروسية المتعمدة».

وشدد على أن التكتل «لن يخضع للترهيب. العدوان الروسي لن يؤدي سوى لزيادة عزيمتنا للوقوف بجانب أوكرانيا وشعبها».

طاولة المفاوضات

وكان زيلينسكي أعلن في وقت سابق عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، وكتب على منصات التواصل الاجتماعي، صباح اليوم الخميس «هجوم ضخم آخر على مدننا. قتل مجددا».

واعتبر أن «الصواريخ الروسية والمسيّرات الهجومية اليوم هي رد واضح على كل من يدعو في العالم، منذ أشهر وأسابيع، الى وقف لإطلاق النار ودبلوماسية حقيقية مع روسيا».

ورأى أن الأخيرة «تختار الباليستيات عوضا عن طاولة المفاوضات. تختار مواصلة القتل عوضا عن إنهاء الحرب»، مؤكدا أن كييف تتوقع «رد فعل» دولي، خصوصا فرض عقوبات جديدة على روسيا، داعيا حلفاء موسكو مثل الصين والمجر الى اتخاذ مواقف حازمة مما يجري.

وشهدت العاصمة الأوكرانية ليلة أخرى عنيفة بعد أكثر من ثلاثة أعوام على اندلاع الحرب التي بدأت بالغزو الروسي في أواخر فبراير/ شباط 2022.

أكثر من 20 موقعا

وقالت الإدارة العسكرية لكييف إن الهجوم الذي استخدمت خلاله مسيّرات وصواريخ فرط صوتية وبالستية وكروز، أصاب أكثر من 20 موقعا في العاصمة.

وأشارت الى أن الهجوم أدى الى تضرر العديد من المباني السكنية، وتسبب بانهيار مبنى من خمس طبقات واحتجاز بعض الأشخاص تحت أنقاضه. كما تضررت روضة للأطفال ومركز تجاري في وسط العاصمة، بينما دمرت عشرات السيارات.
وعلّق كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية، أندري يرماك، بالقول على منصات التواصل «هذا كل ما يجب أن تعرفونه بشأن الدولة الإرهابية، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرغبة بالسلام».

وخارج العاصمة، أعلنت شركة السكك الحديدية الأوكرانية عن «هجوم ضخم» روسي تسبّب بانقطاع التيّار الكهربائي في منطقة فينيتسا (وسط) وأدّى إلى تأخير في حركة القطارات.

وعلى الجانب الروسي، أعلنت موسكو أنها اعترضت 102 مسيّرة أطلقتها أوكرانيا التي كثفت في الآونة الأخيرة استهدفت مصافي نفط ومنشآت للطاقة في روسيا، ما تسبب برفع أسعار الوقود.

وكانت ضربات روسية على كييف في أواخر الشهر الماضي يوليو/ تموز أسفرت عن سقوط أكثر من 30 قتيلا، في هجوم هو من الأكثر حصدا للأرواح في العاصمة منذ بدء الحرب.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الخميس، إن قواتها نفذت ضربة تستهدف «مؤسسات للمجمع العسكري-الصناعي وقواعد جوية في أوكرانيا»، مؤكدة أنها حققت أهدافها.

ودفعت الهجمات الروسية خلال الأشهر الأخيرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى زيادة الضغط على موسكو للتوصل إلى تسوية تنهي الحرب، ولوّح بفرض عقوبات إضافية عليها في حال لم تقبل بذلك.

إدانة أوروبية

اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الضربات الروسية على كييف، تظهر أن موسكو لن يثنيها شيء عن ترهيب أوكرانيا.

وقالت فون دير لاين للصحفيين إن الهجوم «كان الأكثر حصدا للأرواح في العاصمة منذ يوليو/تموز... هو أيضا اعتداء على بعثتنا»، مضيفة أنه «يظهر أن الكرملين لن يثنيه شيء عن ترهيب أوكرانيا والقتل الأعمى للمدنيين، الرجال، النساء والأطفال، وحتى استهداف الاتحاد الأوروبي».

وأعلنت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن مبنى بعثة الاتحاد في كييف تضرر جراء ضربة روسية. 

وأكدت كالاس أنها تحدثت مع زملائها في البعثة، مشددة على أن استهداف البعثات الدبلوماسية أمر غير مقبول. 

وأضافت أن عزيمة الدبلوماسيين على مواصلة دعم أوكرانيا تمنح الاتحاد قوة إضافية.

وفي خطوة احتجاجية ضد القصف الروسي، قرر الاتحاد الأوروبي استدعاء المبعوث الروسي في بروكسل.

من جانبه، ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس بـ«الترهيب والهمجية» اللذين تمارسهما روسيا في حق أوكرانيا.

وكتب ماكرون على منصة إكس «629 صاروخا وطائرة مسيّرة في ليلة واحدة على أوكرانيا: هذه هي إرادة السلام الروسية. ترهيب وهمجية»، منددا بـ«أشد العبارات بهجمات لا معنى لها ووحشية بشكل بالغ».

وعلى نفس المنوال، اتهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«تخريب الآمال بتحقيق السلام» في أوكرانيا، بعد الهجوم الصاروخي الدامي على كييف.

وقال ستارمر إن «بوتين يقتل الأطفال والمدنيين ويخرّب الآمال بتحقيق السلام. يجب أن يتوقف حمام الدم هذا»، مؤكدا أن الضربات التي أسفرت عن مقتل 14 شخصا على الأقل بحسب السلطات الأوكرانية، أدت كذلك إلى «تضرر» مبنى المجلس الثقافي البريطاني في العاصمة.

تعثر السلام

والتقى ترمب وبوتين في ألاسكا في 15 أغسطس/ آب. واستقبل الرئيس الأميركي بعد ذلك زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض، مؤكدا عزمه السعي لجمع الرئيسين الروسي والأوكراني وجها لوجه للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، سعيا للتوصل الى اتفاق سلام شامل.

إلا أن أي تقدم على هذا الصعيد لم يحقق منذ ذلك الحين. وتبادلت موسكو وكييف الاتهام بالمسؤولية عن ذلك.

وتؤكد كييف أهمية الحصول على ضمانات أمنية من الغرب، خصوصا الولايات المتحدة، في إطار أي اتفاق سلام، بشكل يحول دون أن تعرضها لهجوم روسي جديد.

في المقابل، تتمسك روسيا بمطالب منها تخلي أوكرانيا عن مناطق تحتل موسكو أجزاء واسعة منها، والتخلي عن مسعاها للانضمام مستقبلا إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وهو ما ترفضه كييف.

وفي الأشهر الأخيرة تمكّن الجيش الروسي الذي يحتلّ حوالي 20% من أوكرانيا في الشرق والجنوب، من تسريع وتيرة تقدّمه الميداني في مواجهة وحدات أوكرانية أقل عددا وأسوأ تجهيزا.