أميركا تحث لبنان على نزع سلاح حزب الله بالكامل مع نهاية العام

حث مبعوث أميركي رفيع المستوى إلى الشرق الأوسط، الحكومة اللبنانية، اليوم الأربعاء، على نزع سلاح حزب الله بالكامل بحلول نهاية هذا العام، في إطار الجهود الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

تزامنت زيارة المبعوثة، مورغان أورتاغوس، مع تكثيف الهجمات الإسرائيلية على حزب الله في الأسابيع الأخيرة.

وقالت أورتاغوس، في بيان، اليوم الأربعاء: «نواصل مراقبة التطورات في لبنان، ونرحب بقرار الحكومة بوضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة بحلول نهاية العام».

وأضافت أن الجيش اللبناني «يجب عليه الآن تنفيذ خطته بالكامل».

في أغسطس/ آب، أقرَّت الحكومة اللبنانية خارطة طريق مدعومة من الولايات المتحدة لنزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام.

لكن قواتها العسكرية أعاقتها محدودية الموارد، وليس من الواضح ما إذا كان سيتم الوفاء بهذا الموعد النهائي.

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، شعرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالإحباط إزاء ما تعتبره تقدمًا بطيئًا وزادت من الضغط على لبنان لتسريع العملية.

نزع سلاح حزب الله

يُعد نزع السلاح أحد متطلبات الهدنة التي تم التوصل إليها العام الماضي بين لبنان وإسرائيل، والتي أنهت أعنف حرب على الأراضي اللبنانية منذ عقود.

وأزالت القوات المسلحة اللبنانية 10000 صاروخ و400 قذيفة كجزء من خطة الحكومة لنزع السلاح، والتي تشمل كلاً من حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة الأصغر الأخرى في لبنان، وفقًا للجيش الأميركي.

قبل الحرب، قُدِّر أن حزب الله لديه ما بين 120000 و200000 قذيفة، تم تدمير الكثير منها في الصراع.

ودفعت أورتاغوس المسؤولين الحكوميين إلى تسريع نزع السلاح وتشديد أمن الحدود لضمان عدم قدرة حزب الله على تهريب الأسلحة، وفقًا لمسؤول لبناني كبير مطلع على المناقشات، طلب عدم الكشف عن هويته.

لعقود، شكّلت ترسانة حزب الله أساسًا لدوره المزعوم كحامي لبنان ونفوذه السياسي.

لكن الحزب تضرر بشدة جراء الحرب مع إسرائيل، التي اندلعت بعد أن بدأ حزب الله بإطلاق الصواريخ عبر الحدود دعمًا لحليفه الفلسطيني في غزة، حماس.

كان حزب الله يمتنع عن الرد على الهجمات الإسرائيلية المتكررة خلال وقف إطلاق النار ولم يقدم سوى خطاب صارم.

ويقول المحللون إن الجماعة حذرة من إثارة هجوم إسرائيلي متجدد بينما تكافح من أجل التعافي.

وتضغط الولايات المتحدة على الحكومة اللبنانية للاستفادة من ضعف حزب الله لإكمال نزع السلاح، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها حيوية لإطلاق مليارات الدولارات من مساعدات إعادة الإعمار للبلاد.

بموجب شروط الهدنة، كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل وحزب الله من جنوب لبنان، تاركين الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة القوات المسلحة الوحيدة في منطقة الحدود.

لكن إسرائيل احتفظت بعدد من المواقع داخل الأراضي اللبنانية وشنت ضربات شبه يومية على حزب الله على مدار العام الماضي، واتهم كلا الجانبين الآخر بانتهاك الاتفاق.

إعادة بناء قدرات حزب الله

يقول حزب الله إنه لن يناقش نزع السلاح الكامل حتى تنسحب إسرائيل بالكامل وتوقف هجماتها.

وسط هذا الجمود، يقول المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون إن حزب الله يتحرك الآن لإعادة بناء قدراته.

وقال مسؤولان أمنيان إسرائيليان، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة تفاصيل العمليات الحساسة، إن إسرائيل تعتبر هذه الجهود انتهاكات لوقف إطلاق النار ولهذا السبب كثفت هجماتها.

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الشهر: «يحاول بعض أعدائنا إعادة بناء أنفسهم لمهاجمتنا مرة أخرى».

وزعم الجيش الإسرائيلي أن حزب الله يُحافظ على بنيته التحتية العسكرية، ويواصل محاولات تهريب الأسلحة، ويُجري تدريبات عسكرية مستمرة، وهي أمورٌ يعتبرها انتهاكاتٍ لوقف إطلاق النار.

ويُجادل المسؤولون اللبنانيون بأن الضربات الإسرائيلية، التي اتّسعت نطاقها وكثافتها، تُعطي حزب الله ذريعةً للتشبث بأسلحته.

واستهدفت إسرائيل قادة حزب الله وبنيته التحتية العسكرية، كما وسّعت نطاق هجماتها في الأسابيع الأخيرة لتشمل مواقع مدنية، مثل مصانع الإسمنت وساحات المعدات الثقيلة، التي تقول إن الحزب يستخدمها لإعادة بناء قدراته.

مخاوف من تجدد الحرب

وأدى تصاعد الهجمات إلى تعميق المخاوف في لبنان من تجدد الهجوم الإسرائيلي.

لا يزال جزء كبير من البلاد في حالة دمار بعد الحرب، والدولة التي تعاني من أزمة لا تستطيع تحمل صراع آخر.

منذ الهدنة، تقول السلطات اللبنانية إن أكثر من 270 شخصًا قُتلوا في هجمات إسرائيلية.

وذكر مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أن أكثر من 100 منهم مدنيون.

ولا يزال عشرات الآلاف مشردين، معظمهم في الجنوب، مع شعور ضئيل بإمكانية عودتهم إلى ديارهم.

انفتاح لبناني على المفاوضات

سعيًا لدرء تجدد الصراع والبناء على زخم وقف إطلاق النار في غزة، أشار الرئيس اللبناني جوزيف عون في الأسابيع الأخيرة إلى انفتاح بلاده على المفاوضات مع إسرائيل.

ومع ذلك، قد تكون المحادثات المباشرة بين البلدين إشكالية، نظرًا لأنهما في حالة حرب من الناحية النظرية منذ تأسيس إسرائيل عام 1948.

وقال عون، خلال اجتماع الأسبوع الماضي مع مسؤولين أميركيين: «لا أحد في الجنوب - أو في لبنان ككل - يريد العودة إلى حالة الحرب».