جنون الذهب يضرب مدينة الشامي عاصمة المعادن الموريتانية، تمتد الصحراء على مد البصر وهي مليئة بالثقوب مثل "جبن جرويير" في قاع الآبار، التي يصل عمقها في بعض الأحيان إلى عشرات الأمتار.
يقوم الرجال بكشط الصخور باستخدام أدوات بدائية، للعثور على المعدن الأصفر في صحارى تيجريت.
الشامي عاصمة المعادن بموريتانيا ولكنها ـ أيضا ـ عاصمة انبعاثات الزئبق، ومكبات القمامة، والعاهرات، والأمراض المنقولة جنسياً.
هناك منجم تازيازت المفتوح، على بعد 70 كيلومترا من الشامي، والذي يتم تشغيله منذ عام 2007 من قبل المجموعة الكندية "كينروس" جولد كوربوريشن.
يصل الإنتاج إلى مئات الآلاف من الأونصات، وغير بعيد منه في عمق الصحراء يوجد ’لاف الأشخاص يعملون بجد تحت أشعة الشمس الحارقة.
في البداية، كان الموريتانيون والماليون والسنغاليون والتشاديون وحتى السودانيون، يتعاونون في بعض الأحيان للحصول على جهاز كشف المعادن، وذلك لأن كميات كبيرة من الذهب كانت تظهر على السطح في مدينة الشامي، الواقعة بين العاصمتين السياسية والاقتصادية (نواذيبو) على حافة "الطريق الأسفلتي" الذي يشير إلى الطرق النادرة المغطاة بالإسفلت، على عكس المسارات تعمل مكاتب المشتريات التابعة للبنك المركزي الموريتاني بوتيرة بطيئة.
يفضل معظم عمال مناجم الذهب، بيع ذهبهم في السوق السوداء. ورغم ذلك، تحاول شركة معادن موريتانيا، وهي مؤسسة صناعية وتجارية عامة أنشئت في عام 2020 الإشراف على المناجم التقليدية وشبه الصناعية، وتقديم تقديرات ذات مصداقية.
وقد تجاوز إجمالي إنتاج الذهب 35 طناً سنوياً، ويتم استخراج 5 إلى 6 أطنان منها يدوياً، أو على الأقل باستخدام المجارف والفؤوس، وهي توفر دعما ماديا لأكثر من 50 ألف منقب عن الذهب في جميع أنحاء البلاد، ناهيك عن أصحاب المطاعم والكهربائيين والسباكين ومحلات إصلاح السيارات والإطارات.
وقد واكبت الإدارة الموريتانية تطور هذه المدينة المزدهرة من خلال إنشاء موقع مدفعية للدرك ووحدة لتصنيع الزي العسكري.
انبعثت مدينة الشامي من مرقدها في الصحراء خلال سنوات قليلة، ويبلغ عدد سكانها الآن أكثر من 15 ألف نسمة. ؟المشكلة الكبرى في تعدين الذهب هي التلوث بالزئبق، ويزداد الأمر خطورةً لقرب الشامي من محمية "حوض آرغين" وهي محمية طبيعية مُدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، هذا فضلاً عن إدارة النفايات الكارثية.
يقول موسى ولد حامد، رئيس تحرير صحيفة "لوكالام" الناطقة بالفرنسية سابقاً: "آلاف الأطنان من البلاستيك تملأ الصحراء". ويضيف : "لقد أدى هذا الاندفاع نحو المعدن الثمين إلى انتشار ظاهرة الدعارة والإيدز .
في الصحراء تباع التذاكر بحوالي 500 أوقية، أو ما يزيد قليلاً عن عشرة يورو...
المالي أمادو، الذي يتقاسم قطعة من الخيمة مع ثلاثة مواطنين آخرين، سعيد بيومه اليوم وجدناه، وقد نسى التعب. يتساءل أمادو إذا لم أجد شيئًا، فكيف ستأكل عائلتي؟ ولكنه يرفض أن يأخذنا إلى بئره. إذا ذهبتُ معك ـ يقول ـ سيعلم الآخرون أنني وجدتُه، وهذا ليس جيدًا. في الشامي، لا يُمكن الوثوق بأحد.
يضيف منقّب الذهب، الذي وصل إلى شامي عام 2023 "هناك دائمًا مشاكل وشجارات، لقد فكرت الدولة في إنشاء إطار مؤسسي وقانوني، لا سيما مع إنشاء شركة معادن موريتاينا في عام 2020. وقد خصصت هذه الشركة "ممرات"بعضها مخصص لاستخراج الذهب الحرفي، والبعض الآخر للاستغلال شبه الصناعي، وتغطي مساحة قدرها 36388 كيلومترًا مربعًا، أي ما يقرب من مساحة سويسرا.
ويرى المالي أمادو أن السلطات الموريتانية تسعى بالفعل للحد من الفوضى يقول : "في السابق، كان بإمكان أي شخص ذي صلة أن يأتي ويخبرك أن الأرض ملك له وأنه يستولي على بئرك، أما الآن فقد أصبح الوضع أفضل تنظيمًا"
في عام 2021، كتبت صحيفة لوموند أن الذهب، الذي يُباع في دوائر متوازية، يمكن أن يغذي "عمليات مختلفة لتهريب الأسلحة والمخدرات، والتي تنتهي في داكار أو باماكو أو دبي"
ويذكر كتاب "النصر في الكثبان الرملية" الذي كتبه عقيد فرنسي وعقيد موريتاني، ونشر عام 2024، أن دول مجموعة الخمس في الساحل، سمحت لمناطق تعدين الذهب بالتطور بشكل فوضوي، وكانت قادرة على قياس الأضرار بسرعة من حيث الانحراف، ثم الاتجار، وأخيرا اللجوء أو الدعم للجماعات المسلحة" اتخذت موريتانيا الاحتياطات اللازمة بنشر قوات أمنية في الشامي، مما يسمح لها بمراقبة المنطقة .
رابط النص الأصلي باللغة الفرنسية :
https://mondafrique.com/a-la-une/la-folie-de-lor-passe-par-chami-capitale-mauritanienne-du-metal/